قد تكون ممارسة نقد كل جيل للأجيال التي تليه قديمة بقدم البشرية، لكن هذا الجيل تحديدا لا يشبه أي شيء قبله، لم يعرف الإنسان في تاريخه إلا عالما واحدا، هو ذلك العالم الذي يعيش فيه واقعيا ويتفاعل معه، ولادة عالم افتراضي موازٍ هي أمر مستجد قلب كل قواعد التواصل التي عرفها البشر رأسا على عقب.
نحن نعيش الآن مرحلة التحول هذه. تخللتنا وامتزجنا معها ببطء شديد، ولذلك لا نشعر بمقدار التغير الذي طرأ على حياتنا، نتنبه أحيانا ونشعر بالحنين للشكل البشري القديم من التواصل، لكن نعود وننغمس في هذا السحر التكنولوجي المبهر الذي أصبح واقعا لا يمكن أن ننفصل عنه.
كيف سيكون شكل الأجيال الجديدة التي لم تعرف الحياة بشكلها الواقعي فقط، بل عرفتها بنمطين متوازيين، عالم واقعي وآخر افتراضي؟ هذا قلق مؤجل نركله للأمام ونحن نأمل أن هذا الجيل سيحمل بعضا من ملامحنا الأصيلة معه.
كنا فيما سبق نتلقى المعرفة والقيم وما يجب ولا يجب أن نفعله من منابع محدودة، لكن الآن تعددت هذه المصادر، أصبحت تهطل من كل مكان وبكل شكل، الكثير منها ملوث وسام جدا.
الأرض التي تحاول أن تزرع فيها كوالد أو مربٍّ لم تعد بكرا بل أصبحت منتهكة، ستجد منصات التواصل سبقتك لها وغرست فيها ما تريد وما لا تريد. الضخ السريع والغزير يجعلك في سباق دائم معها، لم يعد فمك الوحيد الذي يوجه، هنالك آلاف الأفواه التي توجه وتتكلم وتؤثر وقد تضرب حتى مصداقيتك لتصبح أنت نموذجا قديما لا يفهم الشكل الجديد من الحياة.
التربية في هذا الزمن صعبة جدا وتحدّ كبير يتطلب تضحيات وجهود مضاعفة لنحمي من نحبهم، وإذا لم تفعل فستسبقك المسلسلات والأفلام ومشاهير التواصل والأقران في العالم الافتراضي وستشكل شخصية أبنائك في هيئة قد لا تكاد تعرفها، ما يتعرض له الصغار ليس بالضرورة أن يكون سلبيا دائما، سيتعلمون أيضا أشياء مفيدة لكن الإشكالية تكمن في تلك الأجندات المكثفة والموجهة من أشخاص مرضى يريدون العالم نسخا منهم، ويبقى السؤال: كيف سيكون شكل الأجيال القادمة؟.
http://www.alriyadh.com/1933669]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]