تتنوع في الأساطير والحكايات الشعبية الأساليب التي تساعد الأبطال على تحقيق أمنياتهم مهما بدت مُستحيلةً أو صعبة المنال، فعالم الحكايات كما وصفه الأستاذ عبده خال يفتح «نوافذ الأحلام» للسامعين، وهو «عالم رؤوف بالمساكين إذ يمنحهم أدواراً موازية لأدوار الملوك والوزراء والتجار، فهو عالم يُسقط الطبقية ويمنح الفقير أو الفقيرة فرصة الانتقال الطبقي من غير حجر إذا قرر أحدهما أن يكون ملكاً أو أميراً». لكن الانتقال المفاجئ من طبقة إلى طبقة أعلى قد يكشف عن حقائق لم تكن واضحة كما حدث مع أبطال حكاية (الأمنيات الثلاث)، وهي حكاية حجازية عن ثلاثة حطابين شباب يتمنى كل واحد منهم أمنية تتعلق بالسلطان، فيتمنى الأول الجلوس على كرسي الحكم بدلاً من السلطان، ويتمنى الثاني أن يتزوج بزوجته، أما الثالث، الأكثر واقعية، فيتمنى أن يُعطيه حمل جمل من الأرزاق. ومن المصادفات أن أحد العيون كان قريباً منهم ورصد أمنياتهم لينقلها إلى السلطان، وتنتهي الحكاية بمنح كل واحد منهم درساً من دروس الحياة، إضافة إلى حِمل جمل من الأرزاق ليعودوا إلى ما كانوا عليه.
ويلفت النظر في العديد من الحكايات الشعبية أن تحقق الأمنيات تحققاً سريعاً ومفاجئاً قد لا ينقل البطل إلى السعادة المنشودة، إذ قد تتكشف له حقائق غائبة ترده إلى وضعه القديم قانعاً كما في الحكاية السالفة، وقد يكون تحققها السريع بداية لرحلة أشد قسوة وبؤساً، وهذا ما حدث لبطل حكاية (صندوق الأمنيات)، وهو رجل فقير تنجب زوجته ثلاث بنات دفعة واحدة بعد ولد ذكر، وفي أثناء عمله في حقله تحت ضوء القمر يقترب منه شيخ يعرض عليه، بعد سماع معاناته، أن يأخذ منه بناته بعد ثلاث سنوات مقابل «صندوق الأمنيات»، وهو صندوق قادر على تحقيق جميع أمنياته عند النقر على غطائه، وقد عاش الفقير ثلاث سنوات من السعادة في قصره الرائع يتمتع بملذات الحياة إلى أن جاء الشيخ لأخذ البنات الثلاث الجميلات بحسب الاتفاق بينهما، لتبدأ رحلته مع الشقاء بموت زوجته حزناً على فراق بناتها، وحزنه هو عليها واستمرار تأنيب ضميره على قرار التخلي عن بناته ومصدر سعادته الحقيقي.
وقد يتاح للبطل الفقير في بعض الحكايات الشعبية تحقيق أمنياته والخروج من دائرة الفقر الضيقة بفعل الحظ، لكن الغباء أو سوء التصرف يعيدانه إلى نقطة الصفر، أو يؤديان به إلى حال أسوأ من حاله السيئ، مثلما حدث مع بطل حكاية (الأمنيات الثلاث)، وهي حكاية من إيرلندا عن رجل خامل وكسول اسمه «بيلي»، أو كما حدث مع بطل حكاية (ست ساعات من النعيم) الصياد الذي يصطاد سمكة تجد زوجته في بطنها لؤلؤة نادرة، فيخبره بائعو اللؤلؤ أن ثمنها يفوق ما يملكونه، فيسافر إلى المدينة لعرضها على الملك الذي يوافق على فتح خزائنه للصياد لمدة ست ساعات ليأخذ منها ما يشاء ثمناً للؤلؤته، ولكن حماقة الصياد تعيده سريعاً إلى فقره وأحزانه وروتينه اليومي.




http://www.alriyadh.com/1935935]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]