تعودت وأنا طفلة على مشهد السيدات يدخلن إلى بيتنا يحملن الأقمشة ويطلبن من أمي تحويلها إلى فساتين فاخرة، تعودت على رؤيتهن يتخايلن أمام المرآة فرحات بالفساتين التي صنعتها لهن، تعودت أن أتخايل أنا نفسي أمام البنات بالفساتين التي كنت أتميز بها لأن أمي فنانة وتعرف كيف تجعلني أتباهى بأزيائي المتقنة الصنع أمام رفيقاتي. أعرف مدى الجهد المبذول كي يتحول القماش إلى زي فاخر، وأعرف الفرق بين خياطة خاصة لك على مقاسك وبين فستان جاهز تشتريه من السوق. لذلك أعرف الإجابة على سؤالي، الأزياء فن رفيع حتى لو اعتبره البعض من الفنون التطبيقية.
الأزياء أصبح لها متاحف مثل متاحف الفن التشكيلي، وبنفس الطريقة التي تتطور فيها الفنون والتي تتعرف من خلالها على الحقبة الزمنية التي صنعت فيها كذلك الأزياء، بل هي في اعتقادي أكثر دقة في تحديد التاريخ الذي كان الناس فيه يرتدون ملابسهم بطريقة معينة تختلف عن الأزياء في تاريخ آخر.
أتحدث اليوم عن الأزياء لأنني تابعت بشغف عودة الناس إلى الماضي وارتداء ما كان يرتديه الأجداد بمناسبة يوم التأسيس، كانت احتفالية رائعة وعودة إلى التراث مفعمة بالفخر والإحساس بالأصالة والجمال.
وفي الاحتفالية الأخرى التي أتت بعدها بأيام وهي كأس السعودية لسباق الخيل العالمي، أصبح فن الأزياء مكرساً بصورة أكبر، وأصبح استلهام الماضي وأزياؤه الرائعة هما المحفز لمصممي الأزياء لدينا لإخراج الروائع التي شاهدناها.
الإتقان والجودة بالإضافة إلى الأصالة والفخامة، هذه كانت العنوان العام لما ساد في أزياء هذا العام، الفن الراقي الذي يعتمد على فكرة مستمدة من الزي التراثي القادم من مختلف مناطق المملكة أعطى هذا التنوع وهذا الجمال. الإبهار والجمال، هذان ما شعرت بهما وأنا أشاهد الأزياء. متعة بصرية لا تضاهى وأنت تتابع حضور المهرجان. أسماء مصممين ومصممات باتت مشهورة الآن، تقدم كل سنة أعمالاً لافتة وقادرة على استيعاب الزي التراثي وتقديمه بحلة جديدة أو استلهام معانيه وصياغته بشكل جديد. وللخائفين على الماضي وعراقته يجب أن يستوعبوا أن ما يقوم به فنانو الأزياء لن يخرب الزي الذي يعرفونه، لا يستطيع أحد محو التاريخ وربما وجود يوم التأسيس ضمان كاف لهم أن الزي التراثي له يوم يلبس فيه الناس الزي كم كان بحذافيره. أما عمل المصممين وابتكارهم لأزياء جديدة مبنية على القديم، فهذا لا يدعو للجزع، بل للفرح، لأن لدينا فنانين قادرين على خلق الجمال من الجمال، ولديهم هذا الحس الفني الذي يستطيع أن يخلق فناً جديداً قائماً على تبجيل القديم وحبه.
http://www.alriyadh.com/1938168]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]