الاختراق الإسرائيلي الكبير للمؤسسات العسكرية والأمنية الإيرانية، وتجنيد العديد من العناصر المهمة التي ساعدت في سرقة الأرشيف النووي الإيراني، واغتيال علماء نوويين، وضرب مستودعات الطائرات المسيّرة في قاعدة كرمنشاه الجوية، والاختراقات الأمنية والعسكرية في سورية ولبنان، يصح القول فيه: إن صواريخ أربيل ليست إلا ردَّ فعلٍ فارغاً للتغطية على فشل أمني وعسكري أحرج النظام الإيراني، وأفرغ ادعاءاته بامتلاك توازن الرعب الإقليمي الذي كان يدّعيه، لا سيما أن حجم الأضرار التي أصابت أربيل، وفقاً للآثار المرئية تدفع إلى الاعتقاد بأن الموقع تعرّض إلى صواريخ من الألعاب النارية، وليس إلى ستة صواريخ باليستية بصناعة إيرانية.
هذا الفعل النوعي الذي تدعيه طهران دليل على أن أزماتها بلغت مستوىً غير مسبوق، ليس فقط في العراق، وإنما في اليمن وسورية، وأيضاً في الداخل المحتقن، حيث يحتاج النظام إلى هذا النوع من الاستعراض الباليستي من أجل ترميم صورته، وإعادة هيبته بعد الانتكاسات العسكرية والأمنية على المستوى الداخلي والخارجي.
لا شك أن طهران صوّبت باتجاه أربيل صواريخ باليستية في وقت حساس يعيشه العالم، لاختبار الردود الدولية، واعتقاداً منها لتقويم المسار السياسي في بغداد، والفضيحة هنا أن مستوى أزماتها الخارجية والداخلية فرض عليها الانتقال من صواريخ الكاتيوشا إلى صواريخ السكود، ومن الوكلاء إلى الأصل، للدفع برسائل ضمنية ترغب طهران بإرسالها إلى عدة أطراف في آن واحد، الأولى موجهة إلى الداخل العراقي، بخصوص قبول مشاركة فاعلة لميليشياتها في تحالف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والثانية موجّهة للمحيط الإقليمي، لا سيما الرد على الضربات القوية الموجهة لميليشياتها الإقليمية في اليمن وسورية، والأخيرة موجّهة إلى القوى الكبرى، لخلق أوراق مساومة في مفاوضاتها لبرنامجها النووي.
إذاً، ماذا بعد الانفعال الإيراني في أربيل؟، هل حجّم التمرّد العراقي على طهران؟، وهل نبّهت الصواريخ الباليستية الرديئة العراقيين بأن طهران لم تزل الآمر الناهي في شؤونهم؟، أم أن الضربة فاقمت الأزمة، وفشلت في إعادة تعويم ميليشياتها، وكشفت عن عقم إيراني في فهم المتغيرات العراقية، وأحرجت وكلاءها العاجزين عن تبرير فعلتها.
http://www.alriyadh.com/1940905]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]