قبل يومين مريت ومعي الكثيرين بتجربة مزعجة نوعاً ما وتحتاج بالوقت نفسه للتفكير بماذا يخبئ لنا المستقبل، ففي ظل الاعتماد الكبير على التقنية في جميع مجالات حياتنا، تعطل تقنياً تطبيق خرائط Google عالمياً، فترات بسيطة أربكت العالم وخصوصا مستخدمي التطبيق في تلك اللحظة، وشخصيا كنت منهم، لذهابي لموعد مهم ووجدت صعوبة بالوصول للموقع الذي كنت أرغب الوصول له، لأن التقنية أصبحت جزءا مهما في حياتنا وأرغمتنا على الاعتماد عليها، هذا التأثر العالمي، يذكرنا بتعطل الكثير من وسائل التواصل التي تحدث بين فترة وأخرى، وهذا المدخل للحديث عن العالم الجديد الذي نعيشه وهو عالم اتصالي إعلامي بحت.
الملفت أن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، ليست مجرد هجوم دولة على دولة بحرب تقليدية بحتة، هي أعلنت عن نظام عالمي جديد، بدأ من 24 فبراير 2022 وشاهدنا الكثير من التداعيات، وكانت الخطوة النفسية والحربية إعلاميا ضد روسيا من الغرب الذي تقوده أميركا، تمثل في إلغاء ترخيص بث قناة «روسيا اليوم» في المملكة المتحدة، بعد أن تمت محاصرة الروس إعلاميا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي الكبيرة كاليوتيوب والفيس بوك وتويتر التي تملكها أميركا.
حتى خطاب الرئيس الروسي بوتين تم قطع البث عليه، وأصبح صوت روسيا إعلاميا محاصرا وأكثر تهديدا من القوة الإعلامية الغربية التي تمتلك وبقوة هذا السلاح الفتاك الذي يتفوق من دون مبالغة على السلاح النووي بتأثيره، فوصلنا لمرحلة الحرب الإعلامية الفضائية، فقناة روسيا اليوم الذراع الإعلامية العامة لروسيا سيكون تحت رحمة الغرب، وسيتم التعامل مع هذه القناة بلغة وأسلوب مختلف لإيقاف أي رسائل إعلامية روسية تبرر الحرب وترد على الهجوم الإعلامي الأميركي الغربي الذي يتسيد الموقف بالوقت الحالي باستراتيجية منظمة، تعطينا تحليل الواقع بوضوح عن فلسفة الحرية الإعلامية التي يتم تدريسها نظريا ولا تطبق واقعيا.
مضى شهر تقريبا، والضرر العالمي بسبب هذه الحرب بدت نتائجه، الأمر ليس مجرد حرب بين دولة ودولة أخرى، هي إعلان ميلاد عالم جديد بكل ما تعنيه الكلمة، هي فرصة لإعداد بدائل إعلامية مختلفة وأكثر حماية وأمان، إيقاف وسائل التواصل الإعلامي الشهيرة وحربها ضد روسيا والحرب الجديدة على القناة الفضائية الروسية، تجعل العالم يفكر بالمستقبل أكثر، الأمر ليس مجرد حرب سلاح وإنما حرب إعلامية بكامل تفاصيلها، فنظرية الإعلام التعاطفي التي انتهجها الغرب منذ بداية الحرب لم تنجح حتى الآن ولم تحرج روسيا، بل بالعكس فتحت ملفات إعلامية ضخمة وحروب وغزوات وضحايا بالملايين خلال السنوات الماضية.
الاستثمار بالإعلام وإعطاؤه أهمية تماثل الاستثمار بالمجالات العسكرية والاقتصادية أمر مهم، بالإعلام والرسائل التي ستحارب بها، تستطيع أن تقاوم بها أكبر الأعداء، لو لم تكن قناة روسيا مهمة، لما تم اتخاذ الإجراءات غير المهنية وحيادية ضدها، وهذا من وجهة نظري سيعطي لهذه القناة والوسائل الإعلامي المؤيدة لروسيا قوة أكبر، مما سيخلق مستقبلا كيانا إعلامية مختلفة تماما عن الواقع الذي نعيشه منذ تقريبا نصف قرن على مستوى الإعلام العالمي!!




http://www.alriyadh.com/1941252]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]