وقّعت الصين الأسبوع الماضي اتفاقاً أمنياً مع جزر سليمان. وهذا الاتفاق يسمح بانتشار أمني وعسكري صيني في الجزيرة، ويمكنها من إجراء زيارات للسفن والقيام بعمليات تموين لوجستية والتوقف والعبور، كما يجيز الاتفاق نشر قوات من الشرطة والبحرية الصينية في الأرخبيل، وتوفير الحماية لمشاريعها الكبرى في هذه الجزر. مما دعا البعض إلى اعتبار هذا الاتفاق بمثابة رد على اتفاقية أوكوس التي وقعتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا - والتي يمكن تشبيهها بناتو مصغر موجه ضد الصين.
ولكن لا، فهذا الاتفاق، في ظل التطورات العالمية الجديدة، يمكن قراءته ضمن الاصطفاف الصيني الروسي في مواجهة الغرب الذي يضغط على كل منهما. وضمن هذا الإطار تندرج الشائعات حول انتشار كوفيد-19 في شنغهاي والمبالغة في حجم الإصابات، بهدف قطع خطوط إمدادات الصادرات ومضاعفة معاناة الاقتصاد في الغرب، في حركة التفاف، دون إعلان رسمي، لإضعاف الجبهة المعادية لروسيا وتخفيف الضغوط المفروضة عليها. وهذا إذا صح، فإنه يعني أن بكين وموسكو تعزفان على وتر واحد وهذا ليس مصادفة.
إذ من الواضح أن هناك تنسيقاً صينياً - روسياً بخصوص الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي أدى إلى فشل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، وجعلها ترتد على الدول التي فرضتها. وهذ يصب ليس فقط في مصلحة روسيا، وإنما الصين. فبكين متيقنة، أن الغرب، إذا انتصر على روسيا، فسوف يأتي الدور عليها. ولذلك، فإن بكين وموسكو تبذلان كل ما في وسعهما للعمل وفقاً للمثل القائل: تغذى به قبل أن يتعشى بك.
بالفعل، ومثلما قال الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف كلاوس، فإن التشيكيين الذين يُبدون حبهم للأوكرانيين الآن، كانوا وإلى الأمس القريب، يسيئون معاملة الأوكرانيين المتواجدين في جمهورية التشيك ويكرهونهم، إلى درجة تثير الخجل. وحديث الرئيس التشيكي لا يخص تشيكا وحدها. فالغرب كله أصبح يتودد لأوكرانيا، باعتبارها مخفر متقدم لمواجهة روسيا. فقد اعتاد الغرب خلال الأربع مئة عام الماضية على إنشاء المخافر المتقدمة للاصطدام مع من يخشاهم قبل أن يصلوا إليه. ففي الثلاثينات من القرن المنصرم كانت ألمانيا هي المخفر المتقدم لمواجهة الاتحاد السوفيتي والاصطدام به. ولكن السحر انقلب على الساحر، فانتصرت هذا الأخير في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا واحتل جيشه برلين. وهذا الانتصار الذي حققه الاتحاد السوفيتي عام 1945 هو الذي جعل منه قوة عظمى، وقطباً ثانياً يحكم العالم مع الولايات المتحدة فما أشبه الليلة بالبارحة.
إن الأزمة الأوكرانية سوف تفرز بالتأكيد المنتصرين والمهزومين. وعلى ما يبدو لي فإن النظام العالمي القادم سوف يكون نظاماً مختلفاً عما هو عليه الآن. فهناك كل المقدمات التي تشير إلى أن هذا النظام سوف يكون على شكل مثلث من ثلاثة رؤوس.
http://www.alriyadh.com/1947255]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]