كيف استطاع شاب لم يتجاوز ربيعه العشرين أن يبدع من غرفته الصغيرة برنامجاً يوتيوبياً ثقافياً، يحقق انتشاراً عربياً لافتاً، ما جعل أكبر شبكتي تلفزيون عربية متنافستين تتخاطفه لإنتاج البرامج!
أطلق الشاب المصري أحمد الغندور قناته "الدحِيح" على منصة يوتيوب عام 2014م، واختار لها مسمى يعني باللهجة المصرية: الطالب المجتهد والذي يذاكر طوال الوقت، وهو ما يوازي مصطلح "الدافور" في اللهجة السعودية، وبدأ بنشر مقاطع فيديو في تبسيط العلوم بطريقة سردية قصصية بقالب كوميدي خفيف، تصاعدت شهرة البرنامج في بلده الأم والدول العربية، حتى تعاقدت معه شبكة الجزيرة بلس عام 2017، لتقديم برنامج يحمل الاسم نفسه ضمن منصتها الرقمية، واستمر ذلك حتى يونيو 2020، ثم في أكتوبر من العام نفسه انتقل إلى منصة "شاهد نت"، التابعة لشبكة مركز تلفزيون الشرق الأوسط "أم بي سي"، ليقدم برنامجه الآخر: "متحف الدحِيح"، ثم انتقل إلى شبكة أخرى.
قضى حياته "الغندور" طفلاً ومراهقاً بالمدينة المنورة في قراءة كل ما تقع عليه عينيه، مشكلاً وعياً علمياً وثقافياً مبكراً، حتى عودته من السعودية لدرسة الأحياء في الجامعة الأميركية بالقاهرة، استمر "الغندور" في أسلوب حياته، دودة قراءة لطالب مجتهد، وفاعلاً في النشاطات الجامعية المختلفة، وأنتج وحيداً العديد من الفيديوهات لكنها لم تحقق سوى الانتشار المحدود، حتى لفت نظره مسابقة "معمل العلوم"من "المجلس البريطاني"، وذلك لتلخيص موضوع علمي معقد للجمهور خلال ثلاث دقائق، تحمّس للمشاركة واختاراً موضوع "علم وراثة التغيرات الوراثية"، أي انتقال الصدمات النفسية من جيل إلى جيل! بدأ التحضير للموضوع، ووجد أن أفضل طريقة لشرح أي موضوع هي: القصة، حيث المتعة والتشويق، والأهم تمرير المعلومات وتثبيتها، وبعد التحضير المكثف للمعلومات وترتيبها في نقاط أساسية متتالية، اختار قصة الكابتن "مجدي عبدالغني" صاحب هدف مصر الأول في كأس العام 1990م، ومدى إمكانية توريث اتجاه ضرب الهدف لابنه لو اختطفته عصابة! للأسف لم يفز بالمسابقة، لكنه حظي بتقدير لجنة التحكيم، وتفاعل الجمهور مع طريقته.
أنتج لاحقاً عدداً من الفيديوهات بالفكرة نفسها لكنها لم تحقق النجاح المأمول، حتى لاحت الفرصة حينما عرض فيلم "بين النجوم" لكريستوفر نولان في صالات السينما، لينتهزها ويقدم فيديو يشرح فكرة الفيلم، ويبسط النظريات الفيزيائية المعقدة عن الثقوب السوداء عبر قصة خيالية لعائلة تتنزه بين النجوم، حقق الفيديو وخلال أيام قليلة انتشاراً واسعاً مما فتح الباب للمزيد من الفيديوهات، حتى اتسعت السلسلة وتشعبت.
استغرق "الغندور" وقتاً طويلاً في تعلّم أساليب عرض المحتوى عبر "اليوتيوب"، وتواصل مع العديد من صناع المحتوى؛ إلا أنه استطاع أن يختط لنفسه أسلوباً مميزاً، يعتمد على خصائص شخصيته الباحثة عن المعلومة والمغلفة بخفة الدم "المصرية"، ليؤكد أن البناء المعرفي المتراكم خلال سنوات الطفولة والمراهقة ساهم مع مهاراته "اليوتيوبية" في نجاح تبسيط المعلومة وجعلها مادة قابلة للاهتمام والبحث من الجمهور.




http://www.alriyadh.com/1950789]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]