هل هناك حقا فرص كانت لك وضاعت، وصرت تعيش في حالات من الندم أو الشكوى أو الخوف والقلق، وهل نظن أن كل نجاح أو إخفاق هو نابع من جهلنا بكل شيء يتعلق بالفرص من حيث توقيتها وطرق التعامل معها، وتفويتها أو استغلالها؟
البعض يظن أن الدنيا كلها فرص وقد يكون ذلك فيه من الحقيقة شيء كبير، ويعتقد الكثير أن مثل تلك الفرص هي متاحة له وحده، لم ينتبه للبشر حوله، ولم يلامس عقله حينها أن قسمة الأرزاق وخيرتها من عدمها هي من الله وحده - عز وجل - مهما بذلت الأسباب، وفهمت بحكمة وحصافة كيفية التعامل مع الفرص.
مؤكد أن الفرص عبارة عن سهم بيد الرزاق الحكيم الذي يؤتي فضله من يشاء ويحاسبه على ما أتاه؛ فإذا أصابتنا أسهم الأرزاق فهي من حقنا ونصيبنا منذ البداية، وإذا ذهب الرزق عنا فهو مكتوب لغيرنا؛ فلا بؤس لأن أسهم الفرص الأفضل منها في انتظارك.
ولكن كبشر نتعاطى مع الأسباب المقدرة لأن بناء حياتنا ترتكز عليها لكي تحصل على نتيجة ما، فعلل الأمور من مسبباتها، ونتاج الأشياء والأعمال من معطياتها كل ذلك بعد توفيق الله - عز وجل -، لذا يتوجب علينا أن نتمثل الأسباب ونبحث عن أمثلها، وإمكانية واحتمالية منفعتها في تحقيق أو كسب الفرص التي قد تتاح لنا.
فعلينا أولا بعد الاستعانة بالله أن نجهز أدواتنا البشرية علمنا، ووعينا، وفهمنا، وشهاداتنا، ورؤوس أموالنا، ومستوى جهدنا مؤمنين ذلك قبلا بالدعاء والتوكل وطلب الخير فيما قد نناله كفرصة أو يصرف عنا، فنترك لأنفسنا وللفرص الجديدة مساحة ترقب، وعين نباهة. الألمعي هو من يبحث عن الفرص لا أن ينتظر أن تأتيه، فالفرص الجديدة تعتبر اختبارات بحد ذاتها، وإذا لم تقيمها جيدًا فلا تنتظر أن تنجح في الاختبار، بالسؤال والاستفهام والمعرفة والتقصي ثم التقييم سنجد أن أمامنا أفكار مهمة قد تتحول بعون الله إلى فرص يمكن أن يعمل على تحقيقها إن تم استثمارها أو ترصد عيوبها فترفضها.
البعض شغوف بالحصول على أي فرصة وينسى النتائج وملاءمة ما يحصل عليه فقد تكون فرصًا إيجابية أو سلبية؛ وأن الفرصة التي ظننا أنها قد تقلب حياتنا للأفضل تسببت في سقوطنا من على حافة الهاوية؛ لذا لننظر للفرص دائمًا من جميع الزوايا؛ لأننا سنجد مشهدًا مختلفًا تمامًا في كل زاوية. وكل قرار جديد يعني تغيرات جديدة ونتائج مستقبلية، وسواء اقتنصنا الفرصة أو تخلينا عنها فعلينا أن نعي جيدًا أن المستقبل سيأتي إلينا بنتائج قرارنا هذا؛ لذا لا يجب علينا أن نتعامل مع النتائج؛ فلا نفرح كثيرًا بالفرص وتقبلها دون أن نجلس مع أنفسنا مطولًا ونسأل: هل نحن مستعدون لتقبل القادم مهما يكن؟
ويبقى القول: كل الدنيا مليئة بالفرص لكن لا نعتقد أن كلها لنا، فقد لا يكون لنا منها شيء، لكن بذل الأسباب والسعي ضرورة بشرية، واليقين بأن ما كتب لنا لن يذهب لغيرنا، وما كتب لغيرنا لن يأتي لنا مطلب إيماني مهم، واغنم زمانك إذا هبت ريحك ببصر وبصيرة.




http://www.alriyadh.com/1953859]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]