يستخف البعض بأثر إطلاق مسمى "تحديات" على ما يواجهنا من عقبات وصعوبات وحتى من عثرات، غير مدركين أن أول خطوة لتجاوز تلكم الحواجز هو الإيمان أنها قابلة للتجاوز، وهو ما يبدأ بتوصيفها المناسب أولاً.
ليس من الرومانسية أو التنظير القول إن أحد أوجه جمال الحياة يمكن في توالي التحديات واختلافاتها، فهي ما يجعلنا متشبثين بالأمل، باحثين عن المستقبل الأفضل، مستمرين في إعمار الأرض.
غير أن أسوأ ما قد نقع فيه هو فقدنا شغف التحدي، وهو درسٌ مهم تعلمته مبكراً من أحد زملاء فصلي خلال المرحلة الثانوية! الذي كان ابن أحد وجهاء المجتمع، ممن جمعوا بين المال والنفوذ، فأمسى كل شيء سهلاً بالنسبة له، ولم يعد أمامه أي شيء يستحق التخطيط أو بذل الجهد! عاصرت ذبول روحه وفقده شغف التحدي، لكن هناك ما هو أسوأ من فقد شغف التحدي؛ ألا وهو الاستسلام لواقع التحديات وتحولها إلى أسوار شاهقة لا يمكن النظر إلى ما وراءها من سعادة الإنجاز، أو الركون لحياة الدعة والراحة، ومن تلك الأيام وأنا أرفع سقف تحدياتي لنفسي، وأحاول قدر الإمكان مغادرة مناطق راحتي حتى لا يتوقف ركضي، ويتلاشى شغفي، ثم أفقد روحي!
إحدى أهم ميزاتنا نحن كبشر هي موهبة التحدي، ولكل إنسان أسلوبه في التغلّب على تحدياته، نعم نستفيد من خبرات وتجارب الآخرين، لكن من الظلم على أنفسنا أن نحاول استنساخ نجاحات الآخرين وطرق تفوقهم على تحدياتهم دون أن ندرك تعدد الظروف واختلاف أنفسنا أيضاً! فلكل منا هدف وطريقة مختلفة في الوصول إليه.
يكاد يكون قبول التحدي هو بذرة "السعادة"، وخلال رحلة تحدي التحدي تدرك لذة الإنجاز، والتي تصل ذروتها حينما يتحقق الهدف أو على الأقل تكون بذلت كل ما تستطيع لتحقيقه، وفي رأيي الشخصي أن الإنسان لا يجب أن يتوقف عن التحدي مهما بلغ من العمر عِتيّاَ حتى لا يتوقف شغفه بالحياة، خاصة تحدي تغيير الواقع المحيط بنا، وتتحول المعركة داخل أنفسنا، وهو ما يؤكده عالم النفس النمساوي ورائد مدرسة "العلاج بالمعني" فيكتور فرانكل بقوله الشهير: "عندما نفقد الأمل في تغيير الواقع يكون التحدي الأكبر في تحدي قدرتنا على تغيير أنفسنا".
نعم سوف تواجهنا تحديات صعبة، وقد تكون في بعض المرات مستحيلة التجاوز، لكن من المتوقع أن نتفاجأ أننا قادرون على فعل وتجاوز ما لا نتوقع من أنفسنا! حينما نؤمن أننا سوف نفعل ذلك فقط، وحينما يتمثل لنا هدفنا صورة متخيلة في بصيرتنا، ما يلبث أن يتشكل واقعاً ملموساً أمام أبصارنا.
صديقي.. عجلة الحياة تمضي ولا تعود، والفوز على التحدي لا ينتظر أحداً، شَمر عن ساعديك، وقاتل لأجل أن تتفوق على تحدياتك اليوم، لتتجاوزها غيرها غداً.
http://www.alriyadh.com/1957132]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]