أفترض أنني أقرأ كتابا عن السياحة وعوامل نجاحها، ستكون فصول الكتاب الأساسية كما أتوقع عن التاريخ والآثار والمعالم السياحية والتسوق ووسائل النقل والعادات والتقاليد والفنادق والمطاعم والفعاليات والأنظمة والقوانين والسلوك الإداري.
الفصل الأهم في نظري سيكون عن الأمن وعن تعامل الناس ومستوى الخدمات والمصداقية في الأسعار، وتنظيم الخدمات السياحية.
السائح هو الذي يستطيع تقييم كل مقومات السياحة في أي بلد، هو الذي يرتاد المطاعم ويستخدم سيارات الأجرة والحافلات والقطارات، هو الذي يتعامل بشكل مباشر مع الناس والموظفين ومقدمي الخدمات في المطارات والأسوق والمواقع السياحية والفنادق.
بعض الدول تتوفر فيها عوامل الجذب السياحي مثل التاريخ والآثار، لكنها تكتفي بذلك ولا تعمل على تطوير الجوانب التنظيمية والتشريعية، ومستوى الخدمات وأسلوب التعامل مع السياح، ويرى البعض أن التساهل في بعض الدول الذي يصل حد الفوضى سواء في خدمات المواصلات أو المطاعم أو التعامل مع السياح أو في الأسعار، كل ذلك يرونه تميزا سياحيا لا يوجد في دول أخرى، وهو - في نظرهم - عامل جذب لفئة من السياح!
ذلك رأي قد يصح لفترة من الزمن لكن الفوضى السياحية لن تصمد أمام المنافسة القوية في مجال السياحة وما وصلت إليه من تطور بتفاصيلها المختلفة.
السياحة ثقافة وفن وتبادل حضاري وإدارة وجودة وخدمات وأمن وثقة واحترام، مهما توفرت عوامل الجذب السياحي مثل الطبيعة والآثار فإنها غير كافية لتحافظ على جاذبيتها من دون توفر العوامل الأخرى ومن أبرزها الأمن والبنية التحتية ومستوى الخدمات ومستوى النظافة والرعاية الصحية وأسلوب التعامل مع السياح دون استغلال أو تمييز.
حين تخضع الأسعار للتمييز حسب الجنسية فهذا عامل طرد سياحي، حين تكون وسائل النقل غير متنوعة، أو غير جيدة فهذا خلل كبير في منظومة السياحة، حين تكون الجودة هي آخر الاهتمامات في خطط السياحة فسوف يؤثر هذا على حركة السياحة واقتصاد البلد السياحي.
أراد أحد السياح اختيار بلد يسافر إليه في الإجازة فوضع المعايير التالية لتساعده في الاختيار: الأمن، الطقس المعتدل، الأسعار المعقولة، وسائل النقل، تعامل الناس وروح الصداقة، المطبخ اللذيذ، وعدم اشتراط تأشيرة، هذا السائح يبحث عن البلد الآمن، والإجراءات السهلة، والأسعار المعقولة، وتوفر كافة الخدمات السياحية على أعلى مستوى، والطقس المعتدل، والمسافة القريبة.
سمع صديق السائح هذه المعايير فقال: (ليش ما تقعد ببيتكم).. الشاهد من هذه الطرفة أن البلد قد يكون بلدا جاذبا للسياح رغم عدم توفر كافة مقومات السياحة الناجحة، أحد أسباب هذه الجاذبية قد يكون القوة التسويقية، أو الأبواب المفتوحة للجميع وقد تتفوق بعامل واحد على دول ذات تاريخ سياحي عميق وتتوافر فيها عوامل جذب كثيرة لكنها لا تعير أهمية للإدارة والتنظيم وجودة الخدمات ولا تعمل على تطوير تعامل الموظفين ومقدمي الخدمات مع السياح بدليل أن التنظيم والإجراءات الإدارية والقوانين يمكن تجاوزها بمرونة مبالغ فيها لمصالح شخصية على حساب العدالة.
صفحة أخيرة في كتاب السياحة الافتراضي تتحدث عن التصرفات والأحداث الفردية التي يجب ألا تعمم على دولة بأكملها وتكوين رأي قاطع وانطباع شامل سواء كانت تلك التصرفات والأحداث سلبية أو إيجابية.
http://www.alriyadh.com/1959287]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]