آصف بن برخيا شخصية وردت قصتها في سورة النمل حيث قام بنقل عرش بلقيس في اليمن إلى قصر سليمان عليه السلام في فلسطين في لمح البصر. وردت روايات أنه جني مؤمن كان يعرف اسم الله الأعظم وروايات أخرى ذكرت أنه عالم من بني اسرائيل وروايات أخرى ذكرت أنه من أقارب سليمان -عليه السلام- أو أحد وزرائه. في مقالة اليوم نحاول استخلاص عدد من الدروس القيادية من قصة هذه الشخصية كما يلي:
أولاً،عدم التفرد بالقرار: سليمان عليه السلام ورغم أنه قد علم منطق الطير وسخر الله عز وجل له الجن والوحوش وأوتي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، رغم ذلك كله لم يجد أي حرج في أن يسأل أتباعه من منهم قادر على أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن تصل إليه إلى فلسطين. وفي هذا درس مهم في أن يتشاور القائد مع فريقه ويحاول أن يخلق الفرص المختلفة لهم للتعرف على إمكانياتهم ومعارفهم والاستفادة منها دون أن يحصر الآراء والقرارات في نفسه ودائرته الضيقة فقط.
ثانيا،عدم الاستعجال في طرح الرأي: لم يستعجل آصف في طرح رأيه رغم معرفته بعظمة القدرة التي لديه. ومع ذلك انتظر حتى تطرح آراء أخرى وهو ما كان مع العفريت الذي عرض أن ينقل العرش ويأتي به قبل أن يقوم سليمان عليه السلام من مقامه مع التأكيد على قوته وأمانته. ولما استشعر آصف أن الحل الذي عنده أسرع وأفضل بادر بعرضه بعد الاستماع لمقترح آخر.
ثالثا، وضوح التواصل: قام آصف باستخدام كلمات موجزة وسهلة الفهم. اكتفى بإيصال المعلومة المهمة وهي أنه قادر على نقل العرش قبل أن يرتد طرف سليمان عليه السلام إليه. ورغم أن الطريقة لا تزال مجهولة فعلى سبيل المثال لم يستخدم مصطلحات علمية معقدة كأن يقول سوف استخدم تقنية الانتقال الآني أو سيتم تحويل العرش إلى طاقة ونقلها بسرعة الضوء وإعادتها بعدها إلى الحالة الفيزيائية الجامدة. وهذه المهارة مهمة جداً في التواصل مع التنفيذيين وصناع القرار وحتى مع الجمهور. وهذا بدوره يسهم في تسهيل اتخاذ القرار لمن تعرض عليه المعلومة.
رابعا، أهمية العلم والتطوير: لم يذكر القرآن الكريم اسم آصف ولكن ذكر أنه لديه علماً من الكتاب. هذا العلم الذي لم تتمكن التقنيات والابتكارات البشرية في القرن الحادي والعشرين من الوصول إليه في نقل الأجسام المادية بسرعة الضوء. وفي هذا درس مهم في أهمية العلم والعمل على تطوير الذات عبر المعارف والخبرات المتنوعة.
خامسا، بعض الانتصارات تحتاج وقتاً: من الواضح أن آصف كان يمتلك تلك القدرة منذ فترة من الزمن وأتقن استخدامها والدليل حديثه بثقة ومعرفة تامة عنها في حضرة سليمان عليه السلام. ورغم امتلاك هذه المعرفة والقدرة الخارقة فلم يتفوه بها ويتفاخر بها بل انتظر إلى أن حان الوقت المناسب لتفعيلها. وهكذا هي الحياة المهنية والتي تتطلب الكثير من الصبر والأناة حتى تتحقق النتائج.
سادساً، الحرص على الجودة العالية للمنتج والخدمة: لم يكتف آصف بالحديث بل كان عند التزامه بتنفيذ ما وعد به ونقل العرش من اليمن إلى فلسطين في لمح البصر. وكان العرش في في حالة ممتازة تم التعبير عنها في القرآن الكريم بأن سليمان عليه السلام رآه مستقراً عنده. والدليل على سلامة حال العرش توجيه سليمان عليه السلام لمن معه بأن ينكروا العرش. وهكذا، لا تكفي التصريحات والشعارات الرنانة ما لم ترتبط بتنفيذ عملي ونتائج ملموسة على الأرض.
ويبقى الدرس الأخير وهو الولاء والطاعة من آصف لسليمان عليه السلام. فرغم ما لديه من علم من الكتاب وقدرات خارقة لم تمتلكها عفاريت الجن فقد ظل خادماً مطيعاً لأوامر سيده وقائده سليمان عليه السلام. ولا يمكن أن تنجح الدول والمنظمات بدون هذا الالتزام والولاء القائم على الثقة المتبادلة والاحترام بين القائد وفريقه.




http://www.alriyadh.com/1959425]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]