أحياناً أستحضر كل مشاعري وأحاسيسي كلما قرأت كتاباً مرّ على صدوره سنوات طويلة، أتخيل الظروف والدوافع والأفكار التي كان ينهل منها الكاتب ليوصل لنا ما أحس به وما كان يؤرقه، كذلك عندما أزور آثاراً لحضارات قديمة سادت وبادت، أتخيل كيف كان يعيش الناس، وماذا كان يا ترى أكبر مخاوفهم وهمومهم، ومعلوم أن أول حضارة موثقة في التاريخ هي الحضارة السومرية، ثم حضارات أخرى كالحضارة الفرعونية، والرومانية، وغيرها، فالحضارة ما هي إلا نتيجة اتحاد عناصر بين الإنسان والزمان والمادة، ثم يبدعها الخيال فتنتج حضارة. وكوني من عشاق الآثار فقد تعودت أن أسافر بعيداً لألتقط صوراً بجانب أو داخل كل مكان له تاريخ وحكاية، من الكولوسيوم في روما وأنا غارقة بالدهشة، أو بجانب سور الصين العظيم وأنا أتحسسه وأقول يا لعظمة الإنسان! ولا أنسى أعجوبة الدنيا الأهرامات وأساطيرها التي أعشق، وغيرها الكثير، كانت الجدران هي الصحف التي نقلت لنا أحوال تلك الحضارات بنقوشها وصورها وكأنها الطريق إلى المعرفة المغلف بالبحث والشغف، والإنسان بطبيعته محب للبحث والاكتشاف والتحليل والرصد وحب معرفة ما يدور حوله، فكانت الصحف الورقية هي تلك الجرعة الصباحية التي نتلقاها كل يوم، والتي تنقل لنا من أهوال الحروب حتى أوجاع الحب، وكانت صحيفتنا الشّمّاء "الرّياض" تلك البوابة التي تفتح شرفاتها بكل ألوان النقل والرصد والتحليل والنقد كل يوم على مدار ستين عاماً، فمن وهبنا الخبر والمعلومة وكُتاباً نتباهى بهم منذ ستة عقود مروراً، برؤساء تحرير وهبوا أنفسهم لهذه الصحيفة التي كانت هي الحدث والحديث، وهي العطاء الذي سال منه حبر المصداقية، وظلت صحيفتنا الغراء تتحفنا بالتقرير والخبر، المقالة السياسية والمقالة الساخرة، حتى أصبحت تعيش بوعينا وارتبطت بكل حدث في مجتمعنا، وأمام هذا العمل الجبار والذي يشكر عليه كل من مر وساهم في ازدهار ورُقي صحيفتنا، أتفكر بكل من ساهم بكلمة أو فكرة أو حتى خبر مسلٍّ فالناس إلى ما يسليهم أميل، فهم يتعاطون التسلية في كل لحظة من لحظات حياتهم، بمعنى آخر هي استجابة عميقة للفرح والنشوة داخلهم، لذلك كانت الصحيفة مصدراً للتسلية في وقت مضى، واليوم ومع هذه النقلة التكنولوجية ودخول صحافة الإنترنت أصبح التحدي أكبر، ولكن مازالت صحيفتنا "الرّياض" والتي حظيت بقدر كبير من الاهتمام لتصبح أحد وجوه المملكة وإحدى صحفها الكبيرة والناطق الرسمي لها، والتي مازالت تزدهر رغم حجم التحديات، وعلى الرغم من كل شيء إلا أنني ممتنة لهذه الصحيفة الشامخة كوني أحد كتابها على مدار تسع سنوات ثرية بالنسبة لي، وكل سنة وصحيفتنا مليئة بالإبداع، والنجاح حليفها.




http://www.alriyadh.com/1965148]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]