بدأت جريدة الرياض بقيادات تمثل نخبة من صناع الكلمة، واتسعت دائرتها لتنشأ الكتابة الصحافية بلغتها العملية عن موضوعات جديدة مثل الرياضة وشؤون المجتمع والحياة العامة فضلاً عن السياسة والفكر. كل هذه التحولات التي قادتها جريدة الرياض كانت شاهداً على تحولات كبرى في الاقتصاد والتقنية. وعندما دخل الإنترنت، كانت رائدة المحتوى الرقمي. فإذا كانت الستون سنة الماضية تعلمنا شيئاً، فمواكبة التحولات الاقتصادية والتقنية هي السمة العامة لجريدة الرياض عبر تاريخها.
من المعلوم أن الصحافة اليوم تمر بتحدٍ كبير نتيجة التحولات التقنية. لكن التحولات التقنية لا تمس مهنة الصحافة خصوصاً، إنما تمس الوسائط الإعلامية. فإذا كان الصحفي مكلفاً بجمع المعلومات وإعادة نشرها بعد توثيقها وتفسيرها، فإن التقنية قد عززت مهمته بوسائل حديثة متعددة للوصول إلى المعلومة وإعادة نشرها. ما اختلف هو أن المعلومات التي كانت تصل إلى الصحفي بجهد كبير سابقاً، أصبحت من خلال الوسائل الجديدة تصل إلى الجميع بلا جهد تقريباً.
واستجابة للتحولات التقنية، نرى أن جريدة الرياض تواصل الاهتمام الكبير في تبني الوسائط الجديدة. وإن تحولت الوسائط فالعمل الصحفي لم يتغير؛ لأن المحتوى الذي تقدمه الصحافة ما زال مرغوباً. فكما طورت جريدة الرياض موقعها الإلكتروني منذ التسعينات الميلادية، نجدها فاعلة في حضورها في وسائل التواصل الاجتماعي بوسائطه المتعددة.
ما نشهده اليوم من تحولات كبيرة ربما فتح لنا المجال باستشراف الاتجاهات المستقبلية. فمع التوسع في تبني الوسائط المتعددة، أصبح لدى الناس رغبة في المشاركة في صناعة الأخبار. فقد تبنت بعض الصحف العالمية على سبيل التجربة مبدأ حشد المصادر لتدعيم التغطية الإعلامية، حيث يشارك عدد أكبر من الناس في تغذية الأخبار بقيادة من الصحفي المسؤول. على هذا المنوال، تتوسع مهنة الصحافة لتشارك فيها فئات جديدة بدرجات متفاوتة.
وكما يدخل النشطون في المجتمعات الافتراضية مهنة الصحافة، أصبح لدى الصحفي وسائل جديدة لعرض المعلومات والربط بينها مع التطورات الجديدة في الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات. فما يدخل الصحافة من معلومات يومياً وما هو متاح لها في الإنترنت والمجتمعات الافتراضية ضخم بحيث لا يمكن معالجته بالوسائل التقليدية. ومع وجود البيانات محفوظة والبحث الآلي ممكناً، أصبح تبني أدوات تحليل البيانات واستخدامها لصناعة الخبر أحد الاتجاهات المستقبلية الواعدة.
ومع كل تحول نشهده يظل المحتوى هو القيمة الأهم في صحيفة الرياض، وهو ما حافظت عليه منذ أن أنشئت. فقد تميزت عبر مراحلها المختلفة بتبني المحتوى المتخصص كالملحق الاقتصادي الذي نجح حتى أصبح مادة يومية. وما نشهده اليوم هو إعادة هيكلة لوسائل النشر وأساليب الوصول إلى القراء. وكما يتضح من منهج جريدة الرياض الثابت، أن وسائل النشر تظل مفتوحة باعتبارها خيارات تقنية، إنما يظل المحتوى وما يناسبه من وسائل هو العنصر الأهم والأبقى.
http://www.alriyadh.com/1966416]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]