لكي لا يأتي من يرد السؤال بسؤال، هل بالفعل لدينا دراما سعودية، أقول نعم لدينا دراما سعودية، صحيح أنها لا تتناسب مع تطورنا الاجتماعي الذي نعيشه، وما زلنا نعيش على أطلال أهم عمل درامي سعودي وهو (طاش ما طاش)، وهو العمل الذي ساعدت المرحلة التي ظهر بها على نجاحه رغم الإمكانيات الفنية أحيانا الضعيفة فيه والتكرار وغيرها من الانتقادات الطبيعية التي نالته، وطبعا ليست انتقادات المنتج المصري جمال العدل التي اعترف بغبائه النقدي وبرر أن ما تم تداوله كان من سنوات ونحن لا يهمنا نظرته أو حكمه، لأن مسألة اختلاف الثقافات من الأمور الطبيعية ولكن غير الطبيعي تصريحاته المتشنجة والتي ساهمت بعد النبش عنها بالتعريف به بصورة كبيرة ولكن أيضا بصورة سلبية!
سؤالي كيف يمكننا أن نحافظ على موروثنا الدرامي وإبرازه، ما زلنا على المستوى الثقافي ندور في أفلاك كبيرة ولا نعرف كيف يمكن أن نستقر على استراتيجية واضحة بما يتعلق بموروثنا الفني والثقافي، صحيح هناك اجتهادات وحراك كبير على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن وهذه حقيقة دون هوية واضحة، كم كبير من الموضوعات وتشعب كبير لها دون الاهتمام بالكيف على حساب الكم، فالأعمال الفنية والثقافية يتم قياس أثرها بالتفاعل معها ورسوخها في أذهان المتلقين المحليين ومن ثم نفكر بنقل التجربة للخارج للتعريف بنا وبموروثنا الثقافي.
كنت أتمنى أن يتم تبني أعمال درامية لها بُعد ثقافي ومعرفي، نسخر كل الإمكانيات لخدمتها وإيجادها والمباهاة بها، شخصيا لا يمكنني أن انسى مسلسل «السراج» الذي عرض عام 1994م عن الموروث الثقافي والاجتماعي لمنطقة جازان، ورغم أنه ولد بمرحلة ثقافية اجتماعية صعبة نوعا ما ولكن كان وما زال من الأعمال التي تحمل قيمة وموروثا ثقافيا وفنيا، وهو مثال بسيط عن التنوع والموروث الثقافي بالسعودية، وهذا الثراء بالتنوع يدل على القيمة الثقافية لكل مجتمع، ولكن الذي يحدث حاليا في الدراما انسلاخ كبير وتقليد، فلا أصبحت لنا شخصية واضحة وأيضا لم نعرف نقلد الآخرين وهذه حقيقة، نعم لا يوجد لدينا دراما على المستوى الأكاديمي ونفتقر لأبسط أبجدياتها، ولكن هذا دور المؤسسة الثقافية والإعلامية في محاولة إيجاد موروث درامي ثقافي له مكانته ونحافظ عليه، فالأعمال التي نشاهدها تعتمد على ردة الفعل السريعة من الجمهور وتعتمد في نقدنا الفني على المجاملات أحيانا، ولكن دون أي قيمة ثقافية.
الدراما واجهة ثقافية وصورة مشرقة لثقافة المجتمع، تعطي الآخرين صورة عن هذا المجتمع وموروثه، وإهمالها أو تجاهلها أو المصيبة الأكبر بالجهل بدورها يجعلنا نطالب بالالتفات لها ووضع أسس لها واعتبارها عملا مؤسسيا كواجهة للخلفية الثقافية السعودية، فهي تحتاج لمشروع استراتيجي وليس الأمر مجرد تهريج أو تقليد درامي ناقص.




http://www.alriyadh.com/1966537]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]