ألا يكفي تلك الماركات أنها تلاعبت بعقول بعض الناس من الغافلين عن أنفسهم فظنوا أن قيمتهم مرتبطة بالشعار الذي يظهر على ملابسهم وأحذيتهم ويكاد يلتصق على جباههم من شدة تسلطه عليهم!! إذ لم تعد الماركات اليوم بحاجة للإعلان لأنها تعلن عن طريق من يرتدون أو يستخدمون منتجاتهم..
وصلتني في الصباح صورة لنعل أنتجته إحدى الماركات العالمية وسعره كما تقول الصوره 3500 ريال تقريبا، الصورة آلمتني جداً لأني تذكرت بأني رأيت هذه الفكرة في صورة تظهر مدى الفقر والحاجة لوقاية الأقدام من حرارة الأرض وكل ما فيها من أذى لأحد الفقراء الذي فكر كيف يحمي أقدامه ونفذ فكرته باستخدام علبتين فارغتين للمياه وربط بعض الأقمشة البالية بالطريقة المعروفة في النعل الجاهز البلاستيكي المعروف (زنوبة) ليتمكن من لبسها والمشي بها. وجاءت هذه الماركة المشهوره لتنفذ الفكرة نفسها بكل وقاحه ليشتريها (الأغبياء) سواء من الأغنياء أو من عبّاد الماركات من متوسطي الحال!! فيشترونها ويرتدونها وهم يشعرون بالزهو الذي تسول لهم أنفسهم الكاذبة أن يشعروا به عندما يملكون أي قطعه تنتسب لماركة شهيرة!
وكنت أتمنى لو أنه من الممكن أن ترفق الصور مع المقالات لكي تروا ما أعنيه ولكن هذا غير مناسب.
وفي رأيي أن أي شخص شجاع وعلى دراية بالخطوات القانونية يستطيع أن يرفع قضية على هذه الماركة الإسبانية وأتوقع أن يكسبها بسبب استهانتها بمشاعر وحاجة الفقراء أو على الأقل تدفع لذاك الفقير صاحب الفكرة حقوقه منها هذا لو كان حياً ويستطاع الوصول إليه.
ألا يكفي تلك الماركات أنها تلاعبت بعقول بعض الناس من الغافلين عن أنفسهم فظنوا أن قيمتهم مرتبطة بالشعار الذي يظهر على ملابسهم وأحذيتهم ويكاد يلتصق على جباههم من شدة تسلطه عليهم!! إذ لم تعد الماركات اليوم بحاجة للإعلان لأنها تعلن عن طريق من يرتدون أو يستخدمون منتجاتهم فنحن نشاهد اليوم من ترتدي فستاناً طبع عليه شعار الماركة بالكامل فتبدو كلوحة إعلانية متحركة، وللرجال نصيبهم فهناك من يرتدي قميصاً قطنياً وبنطالاً يحمل ذاك الشعار من كل جانب ويتنقل في كل مكان كلوحة إعلانية تمشي على قدمين ولكن بلا عقل يعي والغريب أنه فرح بحاله وماله واستعباده من قبلهم!!
ثم ماذا بعد؟! نعلم أن هذا الاستعباد لا ينطبق إلا على قلة من الناس ممن يعرفون جيداً المسار الذي يوصلهم لذاك المتجر ولكنهم لا يعرفون الطريق الذي يوصلهم إلى معرفة قيمتهم كبشر بغض النظر عما يملكه من المال فالفقير أو متوسط الحال الذي يتشبه به ويستخدم التقليد الرخيص للماركات مثله تماماً لا يعرف نفسه ولا يدرك قيمتها إلا حينما يحمل على جسده شعاراً لماركة ما حتى ولو كان مقلداً!!
المؤسف أن هذه القلة بعضهم من المشاهير الذين يروجون لأفكارهم وقناعاتهم بكل قبح ووقاحة فإحداهن خرجت للناس في حسابها منذ أيام وهي سعيدة أنها تقتني ما يزيد على مئة حقيبة من ماركة محددة، وبأن إدارة تلك الماركة أرسلت لها تنبئها بالخبر السعيد وهو أنها الأولى في العالم ممن يملكون حقائب تلك العلامة التجارية!! وتعتقد تلك المشهورة أنها تروج لفكرة الاستثمار للمستقبل بالحقائب!! فقد تباع هذه الحقائب في يوم ما بمبالغ ضخمة!! وكأنها لا تعلم أن أوروبا مليئة بمتاجر خاصة (للمقتنيات الأثرية ومنها الحقائب) ولكن أحداً لا يشتريها!
ومن يدري ربما يأتي زمان يكبر فيه الصغار الذين جاؤوا فيه إلى العالم في زمن المشاهير ويبحثون عن مقتنياتهم ليشتروها بمئات الألوف كما فعل بعضهم مع منديل أم كلثوم وبيجامة الفيس بريسلي أو غيرهم!
لقد أتعبت المشهورة من سبقها ولحقها من الاقتصاديين الذين يعلمون الناس كيف يستثمرون أموالهم في الذهب أو العقار أو وغيرهما!! يا لها من عقول فارغة فارغة تتنامى وتتباهى بفراغها وكل يوم يخرج علينا منهم ما يجعلنا في حيرة وتساؤل ما السبيل إلى كف هذا العبث بالعقول بدءاً من شراء كأس من الموهيتو المعد بعلبة من مشروب الطاقة مع القليل من اللون والنكهة يشربه الصغار قبل الكبار لمجرد أنه مشروب جديد له اسم جديد وتلك وذاك يتحدثون عنه حتى ولو كان ضرره على أجسادهم لا يقل عن ضرر التأثر من روّج له على عقولهم وانتهاء بنعل ماركة على شكل قنينة ماء (مفغوصة).
إن المساحة المتاحة للتحدث للآخرين مفتوحة على مصراعيها اليوم لمن هب ودب ولن يستطيع أحد إيقافها فبعضهم يتساوى أثر جهلهم بأثر الريح الهائجة ولكننا نستطيع أن ندمر هذا الضرب المستمر في الوعي الجمعي والأفكار والقناعات من أجل الجيل الذي ينمو اليوم على صرير هذه الرياح. قد يقول قائل إن هذا أمر طبيعي وانتقالة عالمية ستأخذ وقتها وتنهزم، فأقول لا يبدو الأمر بسيطاً هكذا؛ خاصة أن بعض من يرعون أولئك الصغار من الأمهات والآباء وأساتذة المدارس والجامعات هم أشد منهم انبهاراً واتباعاً لهذه الخطوط المروعة في التغير الفكري الذي ترعاه بعض وسائل الإعلام باحترافية عالية وتصفق له.. فما هو الحل أيها العقلاء الصامتون؟
http://www.alriyadh.com/1969142]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]