منذ أن دخلت تقنية المعلومات في حياة الناس، خصوصاً بدخول الإنترنت إلى كل بيت، أصبحت البرمجيات القاعدة الأساس لكل ما هو تقني. ومع الوقت، تضاعف الاعتماد على البرمجيات لتوفير تجربة استخدامية أفضل، برفع الكفاءة والسرعة، وزيادة أكبر لما تستطيع التقنية تنفيذه نيابة عن المستخدم أو تحت إشرافه. ومن مظاهر الاعتمادية التي يتسع نطاقها كل يوم هو التوسل بالذكاء الاصطناعي لتوسيع قدرة البرمجيات على تولي مسؤوليات نيابة عن المستخدم، إما بأداء أفضل أو مساوٍ.
من أمثلة نمو دور البرمجيات هو حجم الاعتماد عليها في المهمات الحرجة، فقد ارتفع حجم البرمجيات المستخدمة في الطائرات الحربية 14 ضعفاً في العشرين سنة الماضية، ففي طائرات إف-22 كان حجم البرمجيات على متنها ما يقارب مليوني سطر برمجي، بينما ارتفع هذا الرقم في طائرات إف-35 إلى 24 مليون سطر برمجي، وليست الزيادة الكبيرة في برمجيات الطائرات الحربية مقتصرة على برمجيات كمالية، ولو أن بعضها قد يكون كذلك، إنما الزيادة شملت البرمجيات التي تنفذ مهمات حرجة للطائرة، ومع زيادة الاعتماد على البرمجيات، ارتفع حجم الأخطاء البرمجية كما هو متوقع.
ارتفاع الأخطاء البرمجية أمر متوقع ولا شك، لكنه كما هو معلوم غير مرغوب فيه، إنما الأسوأ من ذلك، هو ارتفاع رقعة الأخطاء التي تتوزع على ملايين الأسطر البرمجية مما يجعل اكتشافها أمراً يزداد صعوبة يوماً بعد آخر، وليس الارتفاع الهائل الذي مثلت له في الطائرات الحربية غير نموذج واحد للزيادة التي نشهدها في المجالات كلها، من أبرزها اليوم السيارات ذاتية القيادة.
أول الأمر، كان كثير من المراقبين ينظرون إلى شركة (تيسلا) باعتبارها شركة سيارات كغيرها مثل فورد أو تويوتا، إنما سرعان ما اكتشفوا خطأهم، خلاف الشركات الأخرى، تعد (تيسلا) شركة برمجيات أكثر منها شركة سيارات، نظراً لحجم الاعتماد الكبير على البرمجيات في مركباتها، تقدر حجم البرمجيات على سيارات (تيسلا) ما يقارب 150 مليون سطر برمجي، موزع في أجزاء السيارة كلها، الزيادة في حجم البرمجيات تشمل صناعة السيارات عموماً، حيث تحتوي السيارة قرابة 80 مليون سطر برمجي، وهو أكثر مما تحويه أنظمة تشغيل الحاسب الشخصي المعروفة مثل (ويندوز).
من المفارقات في زيادة الاعتماد على البرمجيات، وكما مر بنا في أمثلة سابقة، أن البرمجيات التي تثير القلق نتيجة الأخطاء التي تقع منها عادة، يستعان بها اليوم لرفع كفاءة أداء المستخدم خصوصاً في الأدوات الحرجة كالسيارات والمعدات الطبية، المحاولات القائمة في كثير منها تفترض وجود المطور في عمق العملية البرمجية، وهو ما تسعى إلى تجاوزه المنهجيات الجديدة في مجال التطوير أو الاختبار، إجمالاً، فإن جهود البحث عن طرق مبتكرة لرفع جودة البرمجيات في نمو، لكنها حتى الآن لم تصل إلى القفزة العلمية التي تحتاجها.
http://www.alriyadh.com/1972359]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]