كان والدي -رحمه الله- يردد كثيراً: "اللي ما فيه خير لبلده وأهله.. ما فيه خير لأي أحد" وكأني أتمنى لو أن والدي سمعني وأنا أضيف على ما قال "لو ترى بلدنا الآن بعد ستة عقود من وفاتك".. والخير يعم أرجاءها.. من حسن ذات أهلها وقادتها وخيرهم لبلدهم ومجتمعهم، فعمَّ الخير الذي لم تقتصره على نفسها بل جعلته عوناً للمسلم والعربي، وكل من يستحق.
أنت يا والدي عايشت عقداً واحداً بعد يوم التأسيس، عرفت فيه الأمن والأمان بعد فوضى التناحر والخوف والسلب، عرفت المؤسس العظيم ونعمت بإنجازه.. فكيف لو عرفت عِظم ما ورّث لنا.. حتى بلغنا عنان السماء استقراراً ونعيماً وارتقاءً.. فالأجيال المتلاحقة من يوم التأسيس المبارك لهذه البلاد كانت الخير كله.. يحتفلون بوطنهم في كل وقت ومناسبة يتمتعون بذكره وعطائه، إنه حب الأرض والبلاد والعباد للذين يسكنون فوق هذه الأرض، حب القائد وتمني الخير والسؤدد له.
زمنكم عظيم.. عايشتم التأسيس والقائد كل يوم، وحق لكم ذلك فأنتم سواعد التأسيس وجنود المؤسس.. أمّا نحن في زمننا الجاري مثلكم في فخرنا للوطن في كل يوم وعام، لكننا اخترنا يوم إعلان التأسيس 23 من سبتمبر لكي نحتفل ونتغنّى بهذا الوطن.. جعلناه عيداً نتفرغ فيه لاستعراض ما نحن عليه من نعيم هذا الوطن.. نتذكر المنجز.
نغرس في أجيالنا الجديدة حب الوطن، نخبرهم أن ما نحتفل به هو تاريخ أمة ومسيرة بطل.. مسيرة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-.. رجل صنع التاريخ.. حوّل الشتات إلى وحدة، والخوف إلى استقرار وأمن، نخبرهم كيف كان الوطن قبل ذلك اليوم المشهود وكيف هو بعده.. نقول لهم: إن من لا يقشعر بدنه حين سماع النشيد الوطني والأهازيج التي تتغنى به.. لا يستحق أن يعيش على أرضه.. نعيد لهم ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا من تضحية وولاء مطلق لهذا الوطن، نرسّخه في عقولهم.. نسقيهم حبه نقياً صافياً حلو المذاق.
نخبرهم أن الوطن مرتكز أخلاقي لا يقبل المساومة أو التنازل، فكيف إذا كان الوطن قد منحك كل شيء الأمن والتنشئة السليمة والوفرة المعيشية والتعليم وكل ما يذهب إلى الحفاظ على الصحة.. نقول لهم إن وطناً مثل وطننا قد أكمل علينا معاني الرخاء، فابذلوا لأجله.
وبعد الدعاء لك بالرحمة يا والدي ولكل من قدّم لهذا الوطن أشير إلى أن ما نحتفل به في عهد الملك سلمان الزاهر وولي عهده محمد الخير والرؤية السديدة.. هو امتداد خير لما عشنا في كنفه وما نحن مقبلون عليه من مستقبل زاهر بإذن الله.. وأن ليس هناك من رهان إلا على حب الوطن، لنؤكده كثقافة وبرنامج عمل لا تنازل عنهما، والأكيد أن الانتماء الحقيقي كما كل القيم العالية تعلو وتعلو أكثر إذا رسّخنا ذلك.
http://www.alriyadh.com/1973609]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]