تخرج في الظهيرة وترى عمالاً يجلسون على الأرصفة يكابدون لهيب الصيف، ينتظرون طوال اليوم على أمل أن يأتي من يستأجرهم ويدفع لهم قوت يومهم، تتساءل: لماذا هجروا بلدانهم وأحبابهم واضطروا لمكابدة ضنك الحياة.
تسافر في أنحاء العالم وترى مهاجرين تركوا بلادهم وعاشوا على هامش المجتمعات التي استضافتهم يصارعون من أجل البقاء وذاكرتهم تعبق بالحنين لشوارع الطفولة ودكاكين الحارة والشعور بعزة العيش على تراب الوطن.
تتساءل: هل تلك الدول التي جاؤوا منها مقفرة لا تنعم بموارد تضمن لسكانها عيشاً كريماً وحياة رغيدة؟ ببحث صغير تتفاجأ بأن أغلب تلك الدول التي هرب منها أبناؤها بحثاً عن الأمان والرزق هي في الواقع دول بالغة الثراء، تمتلك أنهاراً وثروة زراعية وموارد طبيعية بل وبعضها ينعم باحتياطات نفطية هائلة، لكن سوء الإدارة والفساد جعلت منها دولة فاشلة غير قابلة للحياة، اضطر أبناؤها لركوب أهوال البحر بحثا عن أرض جديدة تضمن لهم الحد الأدنى من أساسيات الحياة.
تتأمل كل ذلك وتلتفت على وطنك، يغمرك شعور بالامتنان والاطمئنان لأنك تملك قيمة عزيزة فقدها الكثير من الناس.
خلال الجوائح والكوارث والملمات الكبرى تسطع قيمة الوطن بشكل أكبر. وخلال الجائحة الأخيرة التي ألمت بالعالم التفت الجميع إلى أوطانهم واشرأبت أعناقهم نحو قادتهم. تمايزت الأوطان في العناية بأبنائها، وكانت بلادنا في طليعة الدول التي وضعت حياة الإنسان أولاً، المليارات بذلت بسخاء من أجل تقليص تداعيات الجائحة لأقل قدر ممكن، كنا من أوائل الدول التي حصلت على اللقاحات، ولم تقبل بلادنا إلا بأفضل أنواعها وأكثرها أماناً.
الكثير من الأحداث والغليان السياسي والحروب واضطراب سلاسل الإمداد تمر على العالم اليوم لا نشعر بتأثيرها، بل خاضت بلادنا حرباً لدعم الحكومة الشرعية في اليمن ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية ولم يكد سكان المملكة يشعرون بتداعياتها عليهم.
هذه الأيام نحتفل باليوم الوطني الـ92 للمملكة، وهذه المناسبة مهمة لنستشعر قيمة هذا البلد. حب الوطن ليس شعارات عاطفية نرددها دون أن نعيها؛ بل هو أفعال تشبه تماماً كل ما نبذله للمحافظة على بيوتنا وعوائلنا وأحبابنا.
كل عام وبلادنا الغالية وقيادتها ومواطنوها وضيوفها بألف خير وعز وتمكين.
http://www.alriyadh.com/1974173]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]