المعايير الأخلاقية لا تختلف إطلاقا، لأن من غير المعقول أن تبني خطك الدرامي على سبيل المثال بما ينافي الأخلاقيات المتأصلة في كل مجتمع، وتستطيع أن تناقش الظواهر والسلوكيات السلبية، ليس دورك طبعا "دراميا" أن تضع الحلول أو تغير الحال، الدور الأساسي أن تكون واقعيا، لذلك فالخط الدرامي الجديد للدراما السعودية، يجب أن يكون خطا أخلاقيا قبل أن يكون حسب أهواء ومتطلبات ومنصات معينة تبحث عن الإثارة والتكسب من خلالها!
طبيعي أن لا يمكن تقبله بالوقت الحالي، لتبدل الأحوال والزمان وللتغيرات الاجتماعية الكبيرة، ولكن في الوقت نفسه أي عمل لا يرتبط بسلوكيات وأخلاقيات المجتمع وهنا أتحدث بصفة عامة وليس المجتمع السعودي تحديدا، لذلك لن ينجح أي عمل خارج إطار الفلسفة الإنتاجية الأخلاقية، وهذه حقيقة، لأن لكل مجتمع مهما صغر أو كبر ستبقى هويته الاجتماعية واضحة، وهو النجاح والقيمة للمجتمع.
النماذج تكثر في هذا الإطار، فمثلاً: ورغم العداء الكبير والتاريخي سياسيا ما بين الولايات المتحدة الأميركية وكوبا، واستمرارية هذا العداء الأشهر عالميا، إلا أنك في حيرة عندما يكون من أشهر المزارات السياحية بالمدينة الأميركية الأشهر عالميا "ميامي" الحي الكوبي، تخيلوا كيف استطاع الموروث الكوبي الحقيقي أن يكون له موقع ريادي في الدولة التي حاربته ووصل الأمر إلى أن يكون من المحرمات استخدام الكثير من المنتجات الأميركية الشهيرة على الأرض الكوبية والعكس ما بين الدولتين!
لذلك أتناول هذا الموضوع مع الحراك الدرامي السعودي المختلف بالوقت الحاضر، والذي أتاحت له بعض المنصات سواء العالمية أو حتى المحسوبة علينا سعوديا، لننبه أن التقليد لبعض الأعمال العالمية لن يكون هو السبيل الأفضل لتطور الدراما لدينا، وكذلك الحال مع الانفتاح بالأفكار ببعض الأعمال وتجاوز ما كان موجودا من خطوط حمراء سابقا، فالمجتمعات تتغير بالشكل ولكنها مهما وصلت درجة تغيراتها لا تتغير بالسلوكيات والمضمون، نعم نحن نعيش في عالم متغير ولكن دور الفن والدراما الحفاظ على المكتسبات الثقافية والسلوكيات الاجتماعية لأنها هي الباقية، المنصات الإعلامية تبحث عن الكسب المادي، لا يهمها الطريقة أو العرض، يهمها مشهد تافه أو غير أخلاقي لا يتجاوز ثواني، تنشره من ضمن الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتكون ردة الفعل والاستنكار أو حتى المناقشات حوله نجاح مسبوق لهذا العمل، فلا ننسى مثلا المشهد غير الأخلاقي لممثل سعودي انتشر مؤخرا ولفت الانتباه للعمل بطريقة دعائية رخيصة!
نفرح بكثافة الأعمال الدرامية السعودية للشباب بالوقت الحاضر، ولكن لا بد من وجود رقابة عليها من ناحية المساس الأخلاقي بالمجتمع، "وصاية" نعم، حتى بالمجتمعات المتقدمة والمنفتحة لديهم "الوصاية" في مجال الإعلام والدراما على وجه الخصوص، نعم المجتمع تغير ولكن القيم لا تتغير وهذا المفترض أن يكون عليه الخط الدرامي السعودي مستقبلا.




http://www.alriyadh.com/1980093]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]