سوق الدواء في المملكة سوق واعدة وصناعة لها حجمها المؤثر محليا واقليميا، حيث تشير الأرقام المتداولة بأن حجم السوق الدوائي المحلي تقدر قيمته بما يقارب (34) مليار ريال، بينما يعد حجم الاستثمار في ذلك القطاع الأكبر في المنطقة بنسبة تزيد على (30 %) من سوق الشرق الأوسط، حيث تجاوزت عدد المصانع الدوائية المسجلة في المملكة (40) مصنعا، تغطي ما نسبته (36 %) من احتياج السوق المحلي من الأدوية، ويقدر حجم النمو في هذا القطاع ما نسبته (5 %) سنويا وبحجم صادرات تتجاوز (1.5) مليار ريال؛ ولكن ما زال قطاع سوق الأدوية يشوبه المبالغة في الأسعار المضاعفة ويشكل بيئة خصبة للمنافسات التجارية غير العادلة والممارسات الاقتصادية الاحتكارية التي تؤثر على مقومات المنافسة المشروعة نتيجة الإجراءات المفضية إلى استغلال وضع مهيمن في السوق نتيجة تحكم ثلاث شركات بسوق الأدوية، وربما واستغلال ذلك في صنع أزمات مفتعلة لتجفيف السوق من دواء معين تمهيدا للتحكم في سعره.
ولتقريب الصورة أكثر بشأن الأزمات التي ربما تكون مفتعلة في سوق الدواء نأخذ كمثال أحد الأدوية الأساسية والمعروفة طبيا باسم (الباراسيتامول) (Paracetamol) والذي ينتمي لمجموعة الأدوية المسكنة للآلام وخافض للحرارة؛ ويتوفر في الأسواق تحت أشكال متعددة كأقراص، وكبسولات، ونحو ذلك؛ ويباع في الصيدليات دون الحاجة لوصفة طبية تحت مسميات تجارية مختلفة وتزيد على عشر علامات تجارية متنوعة؛ في الأيام القريبة الماضية كان هناك أزمة نقص واضحة لهذا الدواء بكافة تنوع علاماته التجارية في كافة الصيدليات، هذه الأزمة المتزامنة مع قرب دخول فصل الشتاء وما يصاحبها من زيادة في عدد حالات الإنفلونزا الموسمية لا يمكن أن تكون طبيعية، بل أنها تثير التساؤل عما إذا كانت مفتعلة من أو لمصلحة شركات الدواء المسيطرة على هذا النوع من الأدوية للتحكم بسعره، لا سيما أن النقص لم يشمل علامة تجارية معينة بذاتها وإنما كانت الندرة شاملة لكافة العلامات التجارية المصنعة لهذا الدواء.
ولهذا نقول نحن في هذا الوطن الغالي لدينا سوق كفء يتمتع بكافة مقومات الحماية التشريعية والتنظيمية التي تهيئ وتحفظ حرية البيئة الاقتصادية الداعمة للمنافسات التجارية العادلة وتكافح الممارسات الاقتصادية الاحتكارية وتوفر الآليات التي تعزز من الفاعلية والتنافسية وتحفظ حقوق المستهلك، لكن ما زال هناك حلقة رقابية مفقودة، وبالتالي ندعو وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء والهيئة العامة للمنافسة لتقصي الحقائق حيال ما إذا كانت هذه المشكلة المذكورة أعلاه وما يماثلها تشكل ممارسات تواطئ بين شركات الأدوية المسيطرة للتحكم بالأسعار كيلا يكون سوق الدواء مجالاً تستبيح فيه مراكز وقوى العمل التجاري حقوق المستهلك عموما والمرضى خصوصا.




http://www.alriyadh.com/1980507]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]