في مقال سابق نشر في هذه الجريدة في 16 نوفمبر 2022م بعنوان (حذار فليس البعير كسائر الدواب) وعدتكم بأن أعود لتفاصيل تحقيقات حول حوادث الجمال السائبة نشرتها في هذه الصحيفة الغراء منذ 35 سنة، ولعل من طرائف الصدف، أو من شر البلية ما يضحك أن أكتب هذا المقال بعد سويعات من انتشار مقطع لبعير هارب قطع طريق خريص شرق العاصمة الرياض وسبب فوضى في طريق سريع ترتاده مئات السيارات وصاحبه يطارده في منظر يؤكد أن أصحاب الجمال يحتاجون لرادع قوي يصدمهم بمثل قوة اصطدام بعير بمركبة مسرعة.
أعود لتحقيق أجريته منذ 35 سنة وتحديدا في 14 ذو القعدة 1409هـ نشرته بعنوان (لجنة موسعة تطمئن السائقين .. قريبا يعقل البعير) أي بعد عشرة أيام من نشر التحقيق الأول المعنون بـ (المصابون يصرخون في ملاك الإبل: هل حياتنا أرخص من عقال بعير) وجميع تحقيقات الجمال السائبة نشرت في هذه الصحيفة الغراء، وفي التحقيق الأخير استضفت معالي د. ناصر السلوم -تغمده الله بواسع رحمته- وكان وكيلا لوزارة المواصلات والمهندس عبدالكريم اللحيدان مدير إدارة هندسة المرور وسلامة الطرق بالوزارة، والأخير شاب جريء صريح أعجبتني جرأته في تحقيق لاحق أجريته عن الجزر الوسطية التي كان مخططا أن توضع في وسط طريق الرياض - سدير - القصيم ويكون الدخول لها بالانحراف يسارا وليس عن طريق مخارج على اليمين، وكان المهندس اللحيدان في صف وجهة نظري كمحاور بأنها خطرة جدا وعارض بشدة دفاع د. السلوم مع أنه كان وزيرا للمواصلات ومؤيدا للفكرة، لكنه عارضه بشدة قائلا إن الدم فيها سيصل للركب، ويحسب للدكتور السلوم -رحمه الله- سعة صدره وقبوله للرأي الأخر ومن أحد موظفيه فلم يغضب واقتنع بالمعارضة، ويحسب لهذه الجريدة أنها كانت سببا في درء الخطر وتحويل الاستراحات إلى الوضع الحالي الآمن بإذن الله، أما أنا فيكفيني الأجر والثواب من الله ثم شرف الانتماء لهذه الجريدة الفاعلة (إيجابا).
في التحقيق تحدث المهندس اللحيدان عن معاناة الوزارة من ملاك الإبل وأنهم يقطعون الشبوك الحاجزة للطرق السريعة لتعبر جمالهم وأن الوزارة لا تملك معاقبتهم إلا عن طريق المرور (لم يكن أمن الطرق قد تولى الأمر آنذاك)، وتحدث د. السلوم عن لجنة وطنية موسعة شكلت لمشكلة الإبل السائبة مدعمة بقرارات من مجلس القضاء الأعلى بحق المهملين وأمر من وزارة الداخلية بإنفاذ ما تقرر شرعا وما اتفقت عليه أطراف اللجنة الموسعة.
حاليا وبانتشار دوريات أمن الطرق يفترض أن ممارسات الملاك نحو الشبوك والمعابر قد قلت، لكن انتشار قطعان الإبل على الطرق غير المشبوكة ما زال يشكل خطرا شديدا يحتاج إلى رادع قوي يتناسب وحجم ما تحدثه من خسائر في الأرواح والحواس والقدرات والممتلكات وواضح بعد مرور أكثر من 35 عاما على وعد وزارة المواصلات (آنذاك) بقرب عقل البعير إن عقول الملاك المهملين لا تزال مستعصية على الوعي والتوعية ولن يجعلها تفيق وتعقل إلا عقوبات رادعة.




http://www.alriyadh.com/1985009]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]