يشير علم الاجتماع إلى وجود عدة مداخل نظرية لتحليل المشكلات الاجتماعية سواء المشكلات المحلية أو العالمية، أو المشكلات الاجتماعية الشخصية أو المشكلات الاجتماعية العامة، وذلك مثل (مشكلات التعليم، الفقر، الجريمة، الطلاق، العشوائيات، ضغوطات العمل، مشكلات الجيران والأقارب، مشكلات المخدرات، التعامل مع كبار السن،…إلخ). فمعرفة هذه المداخل النظرية تعطينا فهمًا أعمق لأسباب نشوب هذه المشكلات الاجتماعية وآثارها، وتعطينا رؤية لما قد تؤول إليه النتائج سواء سلباً أو إيجاباً؛ ومن ثم يمنحنا قدرة أكبر على حلها من المنبع أو تطوير الحلول القائمة أو تغيير طريقة التعامل مع المشكلة.
المدخل الأول هو (المدخل الوظيفي)؛ فوفقاً له تنشأ المشكلات الاجتماعية عندما تصبح المؤسسات الاجتماعية (كالمؤسسة التعليمية والعائلية والاقتصادية والسياسية) غير قادرة على القيام بوظيفتها وأدوارها بشكل فعّال، فعلى سبيل المثال عندما تعجز المؤسسات التعليمية عن تقديم تعليم جيد يؤهل الطلبة للمنافسة في سوق العمل مما يؤثر بالسلب على الاقتصاد ويزيد من معدلات البطالة. نفس الأمر بالنسبة للاقتصاد؛ فاختلال السياسات الاقتصادية أو أحد مكونات الاقتصاد يخلق مشكلات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مما سيؤثر حتماً على الاستقرار الاجتماعي ويخلق مشكلات مركبّة. وعلى المستوى العائلي ضعف دور أحد الأبوين قد ينشأ عنه مشكلات أسرية وخلل في التوازن الأسري.
المدخل الثاني هو (مدخل الصراع)؛ فوفقاً له تنشب المشكلات الاجتماعية عندما تشعر فئة من فئات المجتمع أنها تعاني من غياب العدالة بالمقارنة بمجموعات أخرى؛ أو تشعر أن مصالحها أو طموحاتها لا تتحقق مع أن فئات أخرى أحلامها مجابة. أو معاناة المرأة من غياب العدالة فيما يتعلق بحقوقها على صعيد العمل أو المنزل أو الأحوال الشخصية، في مقابل الحقوق والمميزات التي يتميز بها الرجل فقط بسبب نوعه الاجتماعي. أو معاناة الأبناء في داخل الأسرة من التباين في المعاملة سواء بسبب غياب العدالة لدى الأب أو لدى الأم، أو نتيجة لتسلط أحد الإخوة على البقية، أو بسبب طغيان الأبناء الذكور على الإناث وعدم إعطائهن حقوق الميراث.
المدخل الثالث هو (مدخل التفاعل)؛ تظهر المشكلات الاجتماعية وفقاً له عندما يحدث اختلاف حول المعاني المعطاة للأمور والأفعال والتصرفات، فمثلاً أن يتحرش أحدهم بامرأة يراه الكثيرون أمراً مرفوضاً مجتمعيا وقانونيًا، في حين يرى البعض أن المسؤولية تعود هنا على المرأة لو كانت ملابسها فاتنة. أو أن يعتبر البعض أن عدم الأمانة في العمل والرشاوى أمر مرفوض ومجرّم، بينما يراه البعض الآخر نوعا من الفهلوة المطلوبة وطريقة طبيعية لتسيير الأمور، بل قد يرون فيه حقا مشروعا.
وهنا تبادر التساؤل: أي من هذه المداخل النظرية يساعد بالأكثر في فهم المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع؟ على الأرجح، لا يمكن الاستغناء عن أي منهم لفهم أي من المشكلات الاجتماعية خاصة أن جميعها معقد وينبغي النظر إليه من جميع الزوايا. لذا فإن الرجوع لهذه المدارس النظرية، بهدف علاج أي من المشكلات الاجتماعية يعطي صانعي القرار عمقًا في التحليل وبعدًا في النظر والرؤية.




http://www.alriyadh.com/1985195]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]