تشهد العلاقات "السعودية - العراقية" تطورًا متزايدًا في مختلف المجالات بين البلدين الشقيقين؛ الأمر الذي يمثل انطلاقة عهد جديد من العلاقات المتينة المتميزة ينعكس أثرها وجدواها على المصالح المشتركة والروابط الودية بين الدولتين الهادفة إلى تعزيز أواصر التعاون والارتقاء بها إلى مجالات أشمل وتوفر الظروف الداعمة للتنمية والاستقرار في المنطقة والعالم.
والمملكة كانت وما فتئت وستظل الداعم الأول لكل ما يحقق للعراق الشقيق نماءه وازدهاره وأمنه واستقراره وسيادته وعودته لعمقه التاريخي وأصالته العربية ومكانته المرموقة في المجتمع الدولي.
ومن حوافز ودلائل هذا التطور في العلاقات أن عُقِد في شهر نوفمبر من العام الماضي اجتماع مجلس التنسيق "السعودي العراقي" بالرياض، وتم على إثره توقيع مذكرة تفاهم شملت إبرام تسع اتفاقيات بين البلدين، من بينها التأكيد على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي وتعزيزه بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما في المجالات المختلفة ولا سيما السياسية والأمنية والتجارية والاستثمارية والسياحية. كما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة أن مذكرة التفاهم ستسعى نحو توطين أسس الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات ومنها تبادل الخبرات وتنسيق المواقف في المجال النفطي في سوق النفط العالمية ضمن نطاق عمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) و(أوبك بلس)، والالتزام الكامل بكل القرارات التي تم الاتفاق عليها، وبما يضمن التوصل إلى أسعار نفط عادلة ومناسبة في سوق النفط العالمية للمنتجين والمستهلكين على حد سواء. كما شملت هذه الاتفاقيات، افتتاح منفذ "جديدة - عرعر" الحدودي الرابط بين البلدين وهي خطوة وصفت بأنها تاريخية إذ من شأنها أن تفتح آفاقًا واسعة ومجالات رحبة لبناء أسس التعاون بينهما في مجالات الاقتصاد وانسياب التجارة والاستثمارات بين البلدين، متوقعين زيادة منافذ برية جديدة لتعظيم الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وبغداد.
لقد جاء ذلك ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين والجهود المبذولة من أجل تعزيزها بما يحقق التطلعات المشتركة للجانبين ومتابعة تنفيذ خطط العمل المشترك التي تم الاتفاق عليها، كما جدد العراق دعوته للشركات السعودية للاستثمار في الفرص الواعدة فيه في مختلف المجالات.
وتمثل العلاقات "السعودية- العراقية" قوة ورسوخاً كبيرين، عكسته مساهمة المملكة في التخفيف من أزمة الكهرباء التي يعاني منه العراق فقد تم توقيع مذكرة تفاهم في 25 يناير من العام الماضي في مجال الربط الكهربائي بين البلدين، الأمر الذي سيساهم في حل تلك الأزمة ويخفف من آثارها على أن يتم بموجبه تزويد العراق بحوالي خمسمائة ميجاواط من القدرات الكهربائية من المنظومة الكهربائية الخليجية القائمة الأمر الذي سيعزز من قدرات شبكات النقل في جنوب البلاد، كما أبانَ صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة أن توقيع مذكرة التفاهم تأتي توجيهًا لقيادة البلدين من أجل توطين أسس الشراكة الاستراتيجية المتينة في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال الطاقة الذي سيكون منطلقا للتعاون في شتى المشاريع التنموية بين البلدين الشقيقين مما يعزز من السوق الإقليمية لمشاريع تبادل الكهرباء إضافة لمشاريع الطاقة المتجددة وإتاحة فرص معززة للاستثمارات المشتركة في قطاعات النفط والغاز والزراعة والبتروكيماويات والمدن الذكية ومجالات الزراعة وأنظمة الري والصناعات التحويلية ووضع خطة عمل مشتركة لترجمة التطلعات والآمال لفرص حقيقية تسهم في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية وتوفر مقومات النمو والازدهار للعلاقات الاقتصادية بين البلدين.
*جامعة الملك سعود
http://www.alriyadh.com/1996738]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]