يواجه الناس في حياتهم العديد من الأزمات والمشكلات المتنوعة التي تؤثر على حالتهم النفسيّة والروحيّة وبطبيعة الحال على الجوانب الاجتماعيّة والاقتصاديّة. وفي مواجهة هذه الأزمات تكون الحلول أو وسائل الدعم عادة قادمة ضمن نطاق العائلة والأصدقاء والمؤسسات المعنية، ومع اتساع مجالات الحياة وربما ضغط الأسرة ونمو مشاعر الفرديّة قد تنمو دوافع الرغبة وقرار الاستقلاليّة عن الأسرة، وقطع كل رابط بالجذور الثقافيّة والعائليّة، من هنا تتزاحم حول الشخص الذي قرّر الاستقلال مشكلات جديدة وقديمة يعرفها ويختبرها كل من عاش هذا الشعور أو التقى من يعايشونه بشكل أو بآخر.
لا شك أن الاستقلاليّة تقدّم لك شعورا مريحا بتحمّل مسؤوليّة نفسك وحريّة قراراتك وإزاحة أعباء الأسرة، والمجتمع الصغير، ولكّنها أيضا قد تصنع أمامك بعض التحديات وربما بعض الأزمات. وأولها أنك ستجد نفسك مسؤولا عن كل شيء لتلبية احتياجاتك اليوميّة مثل الطعام والملابس والمواصلات والرعاية الصحيّة وهذه قد تهون، ولكن رأس هذه الأزمات والأكثر إلحاحًا فقدان الوظيفة أو الدخل المادي وهنا قد تكون أبواب الحلول أمام صاحب الأزمة محدودة، أو مكلّفة أو تقوده إلى خيارات خاطئة حتى لا يقال بأنّه فشل في استقلاليته.
ومن أقسى الأزمات التي يمكن أن تواجه المستقل المعزول عن محيطه العائلي والاجتماعي أزمة وفاة أحد الأحباب دون فرصة لوداع أو تفسير أو حتى عتاب، هذه الأزمة لوحدها قد تصبح كابوس الليل وناقوسا لا يهدأ ضجيجه في لحظات السكون والخلوة، ومن أزمات الاستقلاليّة أن على من يختارها ترقّب التعامل مع مشكلات متوقّعة سواء من جانبه، أو مع من يشاركونه رحلة البحث عن الذات مثل الحوادث والإصابات وربما مشكلات إدمان المخدرات أو الكحول أو الأدوية المهدئة، وربما بعض مظاهر الاكتئاب والقلق والإجهاد، وحين يكون مكان النفي الاختياري بعيدا عن الوطن والثقافة فلا بد أيضا من توقع تحديات الاختلافات الثقافيّة والدينيّة واللغويّة والمزاج العام للناس من حولك.
وفي حياة الاستقلاليّة قد يجد الشخص نفسه في حالة جديدة وهو يعايش شخصا آخر (شريك حلم أو حياة) أفكاره وحياته وأحلامه، إذ قد تأتي لحظة حاسمة وتتبخّر بعض هذه الأحلام، أو يكسر الواقع زجاج التوقّعات بين من عاشا هذا الحلم الضخم حينها سيكون كسر القلوب مؤلماً جدّا ومقدّمة لشرخ العقول والتصرّفات.
صحيح أنّه عندما نكون بمفردنا، قد يسعى الناس في محيط حياتنا الجديدة لإظهار اللطف والتعاطف معنا؛ نعم وقد تكون هناك دعوات دافئة وإشارات عاطفيّة مؤثرة، ولكّن سيكون من الصعب الهروب من الشعور المستمر بأن كل هذا تعاطف مؤقت، ومجاملة اجتماعيّة سرعان ما تتلاشى وتحلّ محلّها الأسئلة والمضايقات.
هذه بقيّة من فنجان دردشة (في مقهى مدينة باردة) مع فتاة مثقّفة لم تمهلنا ضغوط مكالمات شريكتها في السكن لنكمل الحوار.
قال ومضى:
الروح سلعة ثمينة؛ ولكن بيعها أبدا ًلا يفتح أبواب السعادة..




http://www.alriyadh.com/1999940]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]