يطرح الإعلان عن الحزمة الأولى من مشروعات الشركات الكبرى "شريك" أسئلة مشروعة عن مستقبل القطاع الخاص، ومسؤولياته التاريخية في مرحلة التنوع الاقتصادي، خاصة وأن المستهدف بنهاية العقد الحالي، هو زيادة إسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 40 % إلى 65 %، ورفع إسهامات المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20 % إلى 35 %، والصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 %، مما سيمكن من توليد 1.8 مليون وظيفة خلال عامين فقط.
عالمياً، فإن اتباع نماذج أعمال مستدامة يقودها القطاع الخاص يمكن أن يفتح فرصاً اقتصادية بقيمة 12 تريليون دولار سنويًا، ويوفر 380 مليون وظيفة، ولهذا، فإن العالم يدرك أهمية تعبئة القطاع الخاص وتجهيزه كوكيل لقيادة تحول الأسواق، وإزالة كافة الحواجز التي تحول دون مشاركته، باعتباره أحد المحركات الرئيسية للنمو، فهو أحد أدوات توفير السلع والخدمات، وممول ضريبي هائل لمشاريع البنية التحتية، فضلاً عن قدرته على تطوير الحلول المبتكرة للمشكلات الاقتصادية.
دون أدنى شك، فإن مشاركة القطاع الخاص يعزز من فرص تنويع الدخل، وتخفيف الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، بالإضافة إلى إعادة تدوير الأموال، وتطوير قطاعات جديدة قادرة على توفير فرص وظيفية ملائمة لملايين الشباب، الذين يجب أن ينعموا بقوة اقتصاد بلادهم الذي حقق نمواً استثنائياً بنسبة 8.7 % في 2022، ومرشح لتسجيل 2.5 % هذا العام، ولا شك، أن هذا الزخم يعكس قوة إسهامات القطاع الخاص، الأمر الذي يعد ضرورياً للحفاظ قوة سوق العمل، والتي تتطلب توفير 150 ألف فرصة عمل سنوياً.
تعتبر فكرة توطين الوظائف مكونًا أساسيًا في أجندة التنويع الاقتصادي المأمول، ضمن المهمة الاستثنائية للقطاع الخاص، ولهذا، يجب أن يقتحم السعوديون الآن أكثر من أي وقت مضى، بجسارة ودون تردد، سوق العمل، فهذا وقت تواجدهم في كل مكان، سواء كرؤساء مجالس إدارات أو مستشارين، أو موظفي تسليم طرود بريدية، أو مقدمي قهوة الاسبريسو، أو عمال في المنصات النفطية، وهذا بالمناسبة، ما يحدث في أي اقتصاد طبيعي، إلا أن التحدي الكبير أمام القطاع الخاص يكمن في رفع إنتاجيته، ومن المفيد في هذا الاتجاه، أن تتم دراسة مؤشرات الإنتاج ومعرقلاته، ومعالجة الخلل في تركيبة سوق العمل، وإجراء إصلاحات هيكلية في التعليم والتدريب.
يعد التوظيف أهم ثمرات النمو الاقتصادي، وإذا كان البعض لا يزال يعتبر الوظائف الحكومية حصناً للأمان من التسريح الوظيفي، فإن التعاون المبكر بين القطاع الخاص والجامعات في مناطق المملكة المختلفة يساعد بكل تأكيد في تغيير هذه النظرة القديمة، حيث يبقى الصراع دائماً على استقطاب مواهب سوق العمل، ونعتقد، أن استحداث الوظائف لابد أن يمر عبر جسر القطاع الخاص الذي يدرك فائدة الاستثمار الناعم في البحث والتطوير وضم الكوادر المؤهلة، والتي تعد مفتاحاً أساسياً لاقتحام الأسواق الجديدة وتحقيق الأرباح، إلا أنه من واجب الشركات الاستمرار في تطوير مهارات الموظفين على رأس العمل.




http://www.alriyadh.com/2000534]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]