البساطة أسلوب حياة، تجعل الأشخاص دائما لديهم سمات إيجابية مثل "القناعة والرضا"، والحياة البسيطة تزيد من الإيجابيات، ومن قلب البُسطاء يأتي الجمال، وهي تعطي الإنسان الإحساس بالراحة النفسية، والسعادة تأتي من خلال البساطة إنها لا تحتاج إلى معجزات بل تحتاج إلى قلب متسامح ووجه مبتسم يساعدك على تخطي تقلبات الحياة.
نمط الحياة البسيط هو من أهم مطالب الفلاسفة الذين أخذوا في البحث عن عيش حياة مخالفة للمألوف وتحقق السعادة الحقة أمثال الزعيم والفيلسوف الهندي "المهاتما غاندي" الذي ضرب لنا أكبر مثال في عيش الحياة بناء على البساطة وعدم التعقيد ولعل هذا ما جعل منه معلم روحي عظيم وجعل الأجيال المتوالية تقتدي به لسنوات وتثني عن إنجازاته في الحياة بعيدا عن التعقيد، وعلاوة على ذلك نجد أبو الفلسفة "سقراط" ذلك الذي لم يهتم أبدا بالمظهر الخارجي واتخذ من البساطة طريقا له بحيث عرف عنه أنه لم يبد طوال حياته اهتماما بما هو زائل، أي ما هو مادي محض بالأساس وهو من قال عبارته المشهورة "تكلم حتى أراك" دليل على أن الإنسان يجب أن يكون عظيما من الداخل وبسيطا زاهدا من الخارج.
البساطة هي موقف عقلي يتماشى مع تصرفات وسلوكيات عملية في الحياة أي أن تتخذ قرارا وتصرخ في وجه هذه الموجة العارمة التي تهلك الإنسان وتنهش ثناياه الروحية والجسدية فتغدو مجرد تابع للقطيع للأسف مع أن لا شيء يستحق أبدا ويتطلب فقط قرارا حاسما، وأن تنصت لضميرك وروحك وتعي جيدا حقيقة الأمر ومن ثم تعيش بعيدا عن وهم وشره الاستهلاك المبالغ فيه، وكذا تحيا دون تعقيدات تنغص عليك متعة العيش ودون خوف أو قلق من نظرة الناس حول كمية وقيمة إنفاقك. ذات مرة سألوا أحد أثرياء طوكيو وهو رجل أعمال حول رفضه عيش حياة الأغنياء مثله لأنه لم يكن يقطن في حي راقٍ، ولا في مسكن فسيح، ولا يشتري من الملابس إلا ما يفي بالغرض فأجابهم أن سعادته تكمن في الإنجاز وجعل مدينته وبلده في المراتب الأولى على مستوى التقدم والازدهار والمضي بها قدما في ركب الحضارة وأنه يجد المسائل الأخرى دون ذلك تافهة وغير ضرورية أبدا ولا ينبغي إعطائها قيمة أكثر مما يلزم.
البساطة ذاتها ليست أمراً بسيطاً.. فهي نتيجة جهود مضنية ومحاولات طويلة من الإصرار والفشل.. شركات الأبحاث مثلاً تصرف أموالاً طائلة وجهوداً خارقة لإنتاج سلعة يمكن لجميع الناس- وبمختلف مستوياتهم- استعمالها والتعامل معها. هنري فورد نجح في إنشاء شركة عظيمة لأنه (ببساطة) صنع سيارة يمكن لجميع الناس قيادتها.. وشركة نوكيا اكتسحت أسواق الهواتف النقالة- في بداية عهدها- لأنها قدمت أجهزة بسيطة يمكن للجميع شراؤها.. وجوجل حققت نجاحاً خارقاً بفضل جمعها بين البساطة والفعالية وسهولة الاستخدام- في حين انشغلت محركات البحث الأخرى في تقديم تصاميم أكثر جمالاً، وحشر أكبر قدر ممكن من الإعلانات.
وأخيراً.. الكوب لا يضيف شيئا جديدا للشاي؛ ولكن قد يضيف سعرا إضافيا له، وما نحتاجه هو الشاي وليس الكوب، كذلك بعض مظاهر الحياة تجعلنا نركز على الكوب فقط، وتجعلنا نفشل في التمتع بالشاي.




http://www.alriyadh.com/2001518]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]