في رأيي الشخصي الذي لا أفرضه على غيري - وقد يكون خاطئا - أرى أن رسائل الواتساب المرسلة للكل (والتي لا تحدد الشخص بالاسم) لا تليق كتهنئة لعزيز، وأسميها رسائل معلبة أو مسبقة الصنع، ولأنها ترسل بتحديد الكل فإنها قد تصلك من عدو كاره أو خصم حفظ رقمك ولا يقصد تهنئتك، وليس عدم القصد هذا هو النقيصة، بل قد يكون خيرا لتلطيف الأجواء بغير قصد، ولكن النقيصة في مساواة هذه الرسائل بين عدو وصديق وكاره ومحب وفي هذا عدم عدل.
قلت سابقا في مقال نشر في (عكاظ) منذ خمس سنوات، بعنوان: (للمخلصين تهنئة الواتس لا تكفي) وأعيد القول بفخر إنني أخذت على عاتقي تهنئة كل من أخلص لهذا الوطن حضورياً أو باتصال هاتفي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولست بطبيعة الحال من يضع معايير تصنيف الإخلاص للوطن، فهي واضحة وضوح الشمس، في شكل إنجازات متميزة قوامها البذل وتأدية الأمانة وتغليب للمصلحة العامة على المصالح الشخصية.
من يخلص في عمله، ويؤدي أمانة مهامه في خدمتنا كمواطنين، لا شك أنه يجبرنا على الامتنان له، ونحمل في قلوبنا له واجب رد الجميل، مقارنة بمن لا يؤدي مهامه بنفس الإخلاص ويغلب مصالحه الشخصية على الصالح العام، أما الوطن فلا جميل لأحد عليه بل الفضل دائماً لله ثم للوطن.
من منطلق أن لكل موظف مخلص - سابق أو على رأس العمل - فضلا علينا فإنني أرى أن أقل ما نقدم له هو تهنئته في المناسبات السعيدة مثل دخول شهر رمضان والعيدين، فالامتنان والشكر للمخلص واجب، وكذا تكريمه في حياته، أما الثناء فخير ما يكون بعد الوفاة.
والامتنان لمن ترجل عن الفرس أسهل وأبلغ معنى، وأدل على الوفاء، وهذا ما أحاول جاهدا فعله إما حضوريا أو بالاتصال الصوتي، إضافة لتهنئة صوتية لكل من له فضل علي شخصيا أو على والدي أو أسرتي، وقد ذكرتهم بالاسم في ذلك المقال، لكنهم كثروا كثيرا خلال الخمس سنوات الماضية، فلم تعد المساحة تكفي لتعدادهم، جزاهم الله عني خير الجزاء، وأعان أبنائي وأحفادي على محاولة رد جمائلهم.
عندما لا أحظى برد على المكالمة الصوتية أبعث برسالة نصية خاصة للشخص مؤكدا له أنني سوف أعيد المحاولة "قد ترى في هذا بثارة، لكنهم يستاهلون تهنئة حضورية وتقبيل رأس".
كثير ممن أتصل عليهم يدخلون معي سباقا في السنوات القادمة، فيبادرون قبلي بالتهنئة وهذا شعور جميل جدا، لكن لطفهم يخجلني جدا حد الإحراج، فأحاول تلافيه في مناسبة قادمة أسبقهم فيها.
أما أغرب موقف مر بي فهو عندما حاولت جاهدا الاتصال كالعادة بمسؤول سابق لتهنئته؛ تقديرا لما قدم من واجبات وظيفته العادية، وعندما لم يرد هذه المرة على مكالمتين صوتيتين، أرسلت له رسالة نصية، فرد على رسالتي اللطيفة برسالة يدعو علي فيها دعاء شديدا بالويل والثبور وعقوبة شديدة من الله، لأنني كتبت مقالا يعارض رأيا علميا طبيا طرحه في مقال، وكان الموضوع مجالا للنقاش العلمي ويحتمل أكثر من رأي، ورأيه أبعدها عن الصواب كما ثبت لاحقاً، فكانت تلك أغرب تهنئة ورد تهنئة، لكنها قطعاً لا تحبطنا عن أداء الواجب إطلاقاً.
http://www.alriyadh.com/2005495]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]