لن تكون اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين سهلة أبداً هذه المرة، إذ تأتي في ظل ظروف استثنائية تنذر الجميع بعقد ضائع وفوضوي، مما يفرض على القادة الماليين استجابة منسقة وفورية في مواجهة أزمات مشتعلة من عينة تواصل الحرب الروسية الأوكرانية للعام الثاني على التوالي، والتي ضربت إمدادات الحبوب والأغذية والطاقة في مقتل، وأسهمت في القفز بمعدلات التضخم إلى مستويات هائلة، فيما يتخوف البعض من انتقال عدوى فشل البنوك، فضلاً عن تباطؤ النمو، وتشديد أسعار الفائدة، وتفاقم الديون إلى مستويات فلكية.
وحتى لا نرفع سقف التوقعات، فإن تدخلات النخبة المالية المجتمعة في واشنطن ستكون في الغالب تدخلات رمزية بسبب الاستقطابات الجيوسياسية، والحالة المزاجية المفككة، حيث تشيع التوترات في التعامل مع أزمات الاقتصاد العالمي الذي تهيمن عليه الضبابية، وليس غريباً أن يحرص المسؤولون الأميركيون على إظهار التفاؤل الحذر، إلا أنه من الطبيعي أن يواجهوا بسيل من الأسئلة حول مدى استجابة الحكومة الفيدرالية لإخفاقات المصارف الثلاثة منتصف الشهر الماضي، ونظرتهم للتداعيات المحتملة على القطاع المصرفي، خاصة وأننا أصبحنا على أعتاب انكماش ائتماني قد يصل ذروته بنهاية العام الجاري.
ستكون للحالة المزاجية تأثير كبير على اجتماعات واشنطن، فهناك انقسام دولي واضح بشأن بعض القضايا الجوهرية، مثل الموقف من روسيا والصين وتايوان، وربما تكون المحصلة النهائية محبطة، إلا أنه قد تتحقق بعض النتائج الجيدة بفضل انتعاش المعنويات، وسينعكس ذلك على تعافي الأسهم، وخفوت مخاوف القطاع المصرفي، وهدوء الأسواق نسبيًا، وبكل تأكيد، لسنا بصدد تكرار سيناريو أزمة عام 2008، فالوقائع مختلفة تماماً، ومن السهل إدراك أن النظام المصرفي الأمريكي يعمل على أرضية صلبة، فالسقوط لم يتعد حفنة من البنوك، وإذا قارنا ما حدث، بما كان عليه الحال قبل 15 عامًا، فمن الواضح أن البنوك الأميركية الآن أفضل تنظيماً ورأس مال وسيولة، ولهذا لن نرى تداعيات واسعة النطاق.
تكمن المعضلة الراهنة، في أنه لا يوجد أي محرك حقيقي للنمو، فمعظم المناطق تعاني هشاشة واضحة، واتجاه النمو هابط بالمعايير التاريخية، ولهذا يتوقع صندوق النقد نمواً متدنياً للاقتصاد العالمي عند 2.8% في 2023، مقارنة بـ 3.4% في 2022، كما يتوقع هبوط نمو التجارة العالمية إلى 2.4%، مقارنة بـ5.1 % في العام الماضي، والتوقعات متواضعة للغاية في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب اضطراب القطاع المصرفي الذي شهد انهيار ثلاثة بنوك أميركية، واندماج اضطراري لبنك كريدي سويس، أما في العالم العربي، فإن التوقعات بالنسبة للسعودية، على سبيل المثال، تبدو منطقية بسبب تغير أسعار النفط، إذ تشير التوقعات إلى نمو بنسبة 3.1% في العامين الحالي والمقبل، بعد توسع بنسبة 8.7% في العام الماضي.
http://www.alriyadh.com/2007561]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]