"وقعة الباب العلا" عنوان رواية إبراهيم المكرمي التي صدرت حديثًا، رواية ممتعة ومهمة على مستويات كثيرة.
تعيد لنا هذه الرواية معنى لماذا نقرأ الروايات. وحين تواجهنا تصريحات تقول إن الرواية أفلت أو أنها غير مهمة أو أنها تضييع للوقت، تقرأ رواية مثل رواية وقعة الباب العلا فتنهار كل تلك التصريحات، فالروايات مازالت تحتفظ بمكانتها في الأدب وفي الحياة، ورواية كهذه الرواية تقول لك مرة أخرى، أنت تقرأ الرواية لأنها تطلعك على عوالم أنت لا تعرفها، عوالم ربما سمعت عنها، لكنك لم تعشها كما عاشها أهلها، وأنت تقرأ الرواية أنت تضع قدميك في قدمي شخصيات الرواية، أنت تعرف بماذا يحس هذا الشخص الذي سمعت عن طائفته، وربما كنت بعبارة سريعة وحاسمة ألغيت كل عالمه، ليس عن دراية أو بحث، لكن هكذا، لأن جماعتك قررت ذلك.
رواية وقعة الباب العلا رواية مهمة لأنها تكشف العديد من العنصريات، من الخارج ومن الداخل، العنصرية ضد الآخر، ضد الضعيف، ضد الأقلية. العنصرية ضد طائفة، العنصرية ضد شخص من نفس الطائفة لأنه مخالف، العنصرية ضد المرأة لأنها التقاليد والتعود، العنصرية ضد اليهودي لأنه يهودي.
أهمية قراءة الرواية تكمن في أنها تخلق داخلك كل أنواع الأسئلة بدون توجيه مباشر، تسأل، كيف يمكن أن يعامل بعنصرية أشخاص هم أنفسهم يعانون منها. هل الإنسان بطبيعته عنصري، هل وجودك داخل جماعة يجعلك عنصريا بالضرورة.
أسئلة من نوع: لماذا نرفض الآخر؟ لماذا نمارس الظلم دون أن تطرف أعيننا؟ لماذا نطلق الأحكام السريعة بدون مراجعة؟ لماذا نربي أطفالنا على الكراهية؟
ثم أسئلة من نوع: إذا كنت تعاني من العنصرية كجماعة، وتعرف ما هو الظلم، كيف يصبح من العادي عندك أن تمارس الظلم ضد الضعيف؟ كيف يمكن أن تكون كبيرا ومهما وعادلا ومحترما، وفي ذات الوقت، ظالما ومستبدًا ومهمشًا لأقرب الناس لك، المرأة في بيتك؟
وأسئلة أخرى مثل: أنت خارج محيطك مضطهد، لكنك وأنت قوي في محيطك، لا تشعر بأي حرج في معاملة الآخر بنفس الطريقة التي تعامل بها حين يضطهدك الآخرون الأقوياء في الخارج. هذا ما تطرحه الرواية حين تتحدث عن اليهودي الفنان، صانع الأبواب الذي يقصده الجميع لبراعته، ويهينه الجميع لديانته.
وقائع كثيرة، قاسية، وتفجر داخلك كل أنواع المشاعر، مكتوبة بلغة جميلة، من وجهة نظر طفل وطفلة.. رواية تجعلك تواجه نفسك، فأنت مهما كان انتماؤك فأنت الآخر، الذي مارست عنصريتك بشكل ما تجاه آخر.
وقعة الباب العلا، رواية مهمة لإبراهيم المكرمي..
http://www.alriyadh.com/2010537]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]