من أهم الأحداث الإعلامية المهمة عالمياً خلال هذا الأسبوع ولها آثارها المستقبلية على مستوى مستقبل الإعلام، استحواذ رائد قطاع تكنولوجيا السيارات أوستن راسل على حصة أغلبية "82 %" في علامة "فوربس" الإعلامية بقيمة "800" مليون دولار، مع العلم أن ثروة راسل مليار ونصف دولار تقريباً، أي أن نصف ثروته الكبيرة استثمرها بالإعلام وليس تكنولوجيا السيارات الرائد فيها، وتغيرت لغته الإعلامية بعد هذا الاستثمار، ليصرح "أنه يأمل أن تواصل فوربس تقديم أفضل خدمة لقرائها، وإلقاء الضوء على القادة وتحدياتهم داخل مجتمع الأعمال، بمحتوى عالي الجودة"!
لماذا هذا الاستحواذ مهم من وجهة نظري، الأمر يعطي دلالات مهمة أن المستقبل مهما بلغنا من تطورات تكنولوجية هو للإعلام، هو السلاح الأقوى الذي يتعدى بمراحل السلاح النووي، ببساطة تقريباً نصف ثروة الشاب الثلاثيني غامر بها بالاستثمار بمجموعة عريقة إعلامية، هو هنا يكشف سراً من أسرار نجاحات النظرية الأمريكية، التي تجعل للإعلام والآلة الإعلامية الميزانية الأهم في أي مخطط سياسي أو تجاري، الإعلام وترويجه الإعلاني يمثل بدون مبالغة "80 %" من نجاح أي مشروع، أو فكر سياسي، أو اجتماعي أو ثقافي أو تجاري.
شراء المجموعات الإعلامية المؤثرة أمر مهم وخصوصاً إذا كان بطريقة غير مباشرة من الحكومة، بطبيعة الحال لن يتقبل أن تستحوذ مثلاً السعودية مهما دفعت من المليارات لشراء أو الاستثمار ببعض المجموعات الإعلامية المشهورة والكبيرة لاعتبارات سياسية لبعض الدول معروفة، ولكن بالإمكان التعامل مع الأمر عبر الأفراد وهذا تقريباً مقبول عالمياً، فشراء مستثمر فرد لمجموعة إعلامية أو نادٍ رياضي شهير انعكاساته تختلف عن شراء الحكومة، وفي الإعلام في ظل ضعف تواجدنا العالمي فيه وهذه حقيقة، من المهم أن يكون تفكيرنا باستراتيجية الشاب راسل، لأن النهضة المستقبلية التي نعيشها أو التحديات التي تواجهنا لن يستطيع أن يواكبها أفكار تسويقية تقليدية أو مقابلات تلفزيونية "مدفوعة" بملايين الدولارات بقنوات إخبارية إعلامية معروفة، لأنها علاج مؤقت وآثارها تنتهي بعد بثها بلحظات، ومن الممكن أن يظهر بعدها تقرير أو برنامج ضدنا أو ضد توجهاتنا تحت مفهوم حرية الإعلام.
ذكرني هذا الخبر قبل سنوات عندما تم بيع مجموعة دوغان الإعلامية التركية التي تمتلك "40" في المئة من وسائل الإعلام التركية، حيث تجاوزت قيمة الصفة عام "2018" مليار وربع المليار دولار، تخيلوا لو كان لنا أي تفكير بمثل هذا الاستثمار، وأكرر ليس باسم الحكومة وقد يكون تحت مظلة حلفاء بنفس البلدان لهم ولاء حقيقي لنا.
مستقبل الدول وحتى الأفراد وخصوصاً المستثمرين سيكون بالإعلام وليس بالمشاهير المؤقتين بجميع المجالات مع احترامنا لهم، هو القوة الأهم، هو الرسالة الأسرع وصولاً وتأثيراً، نحتاج في سياستنا الإعلامية للتفكير المبتكر، الأمر ليس تقليدياً بتخصيص مئات الملايين من الدولارات لإنشاء قناة جديدة أو دعم قنوات نتوقع أن لها تأثيرها الإعلامي العالمي وثلاث أرباع أخبارها واهتماما تحول للشأن المحلي وهذه حقيقة أيضاً مؤلمة!
وللتوضيح وحسب ما أعلنته فوربس بخصوص هذا الاستحواذ، أن فوربس رابع منصة إعلامية موثوقة ضمن "56" منصة يثق بها المواطنون في أمريكا، وهي كعلامة تجارية إعلامية تصل إلى أكثر من "140" مليون شخص حول العالم، وسلامتكم.
http://www.alriyadh.com/2012255]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]