الحارة تجمع الإنسان بالإنسان، منشأ للعلاقات والصداقات، مكان للتعايش، التعاون، الأمن، الألعاب، بناء الشخصية، تنمية الهوايات واكتشاف المهارات.
في زمن المدن المكتظة بالسكان، في زمن التواصل عن بعد، في زمن التقنية، هل اختفت ألعاب الحارة، وعلاقات الحارة، وحياة الحارة؟ هل أصبحت الحارة شوارع للسيارات ومواقف السيارات، وبيوتاً مغلقة على أصحابها؟ هل أصبحت المجمعات السكنية أو الاستراحات أو الأسواق أو الحدائق بديلاً للحارة؟
كانت الحارة هي الملتقى، هي الألعاب والأعياد وحفلات الزواج، هي الرياضة، هي علاقات الجيران. الطرقات كانت للمشاة وليس للسيارات.
نشأت في الآونة الأخيرة أحياء مغلقة ومجمعات سكنية تضمنت بعض الإيجابيات ومنها الهدوء، وفي بعضها تعاون بين السكان لخدمة المجمع، في مجلس الحارة الافتراضي يتم تداول بعض الخواطر والاقتراحات والأفكار.
من الاقتراحات لتحسين مستوى الخدمات والعلاقات في الأحياء مثل النظافة وغيرها تشكيل فرق تطوعية من ساكني الأحياء لمتابعة احتياجات الحي وإيجاد آلية لتعاون ساكني الحي لجعله حياً مثالياً من حيث الخدمات والعلاقات الإنسانية والتواصل مع الجهات الرسمية في تحديد الاحتياجات وحل المشكلات. في حركة المرور مثلاً يلاحظ أن بعض سائقي السيارات لا يلتزمون داخل الأحياء بقواعد المرور، لا يتوقفون عند التقاطعات، يعاكسون السير، يتجاوزن في شوارع ضيقة، لا يلتزمون بالسرعة المحددة، أما أصحاب الدراجات النارية فهم يعتقدون أن لا علاقة لهم بقواعد المرور. أضف إلى ذلك الأصوات المزعجة المتعمدة التي يضيفها بعض سائقي السيارات والدراجات النارية لسبب غير معروف حتى الآن ويحتاج إلى دراسة من أفضل مراكز الأبحاث في العالم!
من الاقتراحات المطروحة للنقاش موضوع خدمة الجنائز والصلاة عليهم، وإمكانية توفير هذه الخدمة في كل حي بدلاً من مسجد واحد أو مساجد معينة، وهذا اقتراح يبدو ضرورياً في المدن الكبيرة مثل مدينة الرياض. خلال جائحة كورونا أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تعليمات تنص على السماح بإقامة صلاة الجنائز في الجوامع والمساجد وفق الإجراءات الوقائية، وصدرت بذلك اشتراطات تفصيلية محددة لغرض التنظيم. السؤال هنا، هل العمل بهذه التعليمات مازال قائماً وخاصة في المدن الكبيرة؟ وهل هناك ما يمنع ذلك؟ وماذا عن دفن الموتى في فصل الصيف الحار جداً أثناء النهار؟ هل توضح الوزارة الجوانب الدينية لهذا الموضوع وتضع التنظيم والإجراءات المناسبة؟ يميل الناس غالباً إلى التمسك بما تعودوا عليه؟ يمكن القول إن موضوع قوة العادات في التأثير على السلوك والمجتمع بحاجة إلى دراسة لاختبار الفرضيات التي تربط بين بعض الظواهر الاجتماعية وبعض العادات التي يتوارثها الناس وتصبح عند البعض قوة اجتماعية مؤثرة لا يستطيع حتى التفكير في مدى صحتها وفائدتها وجدوى استمرارها. صفة الكرم مثلاً صفة حميدة لكنها حين تتحول إلى إسراف ومبالغة تصبح مخالفة دينية، قال تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، الكريم هو الكريم بأخلاقه وليس بكمية الطعام التي يقدمها إلى الضيف.




http://www.alriyadh.com/2026059]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]