منذ نشأت فكرة الذكاء الاصطناعي التي تعود إلى (آلان تيرنق) أحد الآباء المؤسسين لعلوم الحاسب في العصر الحديث، والجهود منصبة على تطوير آلات تحاكي قدرة الإنسان في تنفيذ مهام محددة، وكلما حققت الأبحاث تقدما ارتفعت الآمال نحو تحقيق الهدف حتى إذا بلغت حدود التقنية ارتدت الآمال إلى خيبات حتى يقع الباحثون على اكتشاف جديد.
على عكس أبحاث العلوم الطبيعية التي تسعى لفهم العالم من حولنا، تسعى العلوم غير الطبيعية كما لقبها هيربرت سايمن إلى تغيير العالم بالاقتصاد والطب والهندسة بما في ذلك الحاسوب، وبحسب مفهوم تغيير العالم، يسعى الذكاء الاصطناعي مثلا إلى رفع إنتاجية الاقتصاد بتكاليف منخفضة، ومع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي اليوم، أصبح من الممكن تصور مكتسبات الإنتاج لكن من الصعب تصور كلفته المنخفضة.
ورغم كل ما تحقق من تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي فإن المفهوم الذي تقوم عليه أساسا بسيط، وهو القدرة على التعرف على الأنماط، ففي مفهوم تعلم الآلة، يستفيد الباحثون من قدرة الحاسوب اللانهائية على التجريب، فيخضع لساعات طويلة متدربا على أنماط معينة للتعرف على الأشكال أو الصور الطبيعية ليصنفها بدقة حتى إذا انتهى استطاع التعرف على شكل جديد لم يره من قبل.
ومع قوة ما يستطيع الذكاء الاصطناعي صنعه بمفهوم الأنماط البسيط، تظل قدرات الحاسوب اللانهائية محدودة بمسألتين هما الطاقة والبيانات. عند الحاسوب، تساوي الطاقة مفهوم الوقت، وتساوي البيانات مفهوم المعرفة، فإذا توفرت الطاقة دون انقطاع تمكن الحاسوب من التجريب دون توقف، وإذا توفرت البيانات تطورت قدراته تبعا لحجمها وجودتها.
لذلك ما نراه اليوم من تطور في أداء الذكاء الاصطناعي يأتي من إيجاد حل لمسألة الوقت والمعرفة، فقد تطورت المعالجات فأصبحت قادرة على تنفيذ أعمالها في أجزاء من الوقت الذي كانت تنفذه منذ عشر سنوات، وتوفرت البيانات بوجود الإنترنت حتى تجد الشركات الأكثر تقدما في الذكاء الاصطناعي هي الشركات التي تسيطر على شريحة كبيرة من بيانات الإنترنت.
بوجود الإنترنت، استطاعت الشركات أن تستفيد من مستخدميها في تدريب نماذج ذكائها الاصطناعي، ففي كل مرة تستخدم تطبيقا للمحادثة أو المشاهدة، يجمع التطبيق بيانات توظف في تطوير قدراته في معرفة المحتوى المناسب لك ولغيرك ممن يشتركون معك في الاهتمامات، فمع قدرة النماذج على التعلم دون توجيه، أصبح لدى التطبيقات فرصة توظيف المستخدمين ليقدموا توجيهات تعليمية لنماذج الذكاء الاصطناعي دون علمهم.
مع تطور الحلول نحو تسريع المعالجات، إلا أن ارتفاع استهلاك الطاقة مازال من التحديات الكبيرة، ومع نمو البنية التحتية المخصصة للذكاء الاصطناعي أصبح من الواضح أن حجم استهلاك الكهرباء يتصاعد بسرعة حتى وصل اليوم ما يعادل استهلاك عدة دول مجتمعة، يظل التحدي هو رفع كفاءة البنية التحتية وما تستطيع تنفيذه بأقل الموارد.
http://www.alriyadh.com/2041648]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]