القائد المنتج هو الذي يترجم كلماته إلى أفعال، والإنجاز هو الشيء الوحيد الذي يميز القائد الناجح من القائد المنظّر فقط، أما العقول المبدعة فهي الكنز والثروة التي لا تنتهي ولا تنفد بكثرة الاستخدام، وهي العامل الحاسم على مستوى الشركات والدول..
المشهد العالمي اليوم يريك الدول وهي في سباق محموم للفوز في المجال الاقتصادي والعسكري والسياسي، وها هي أميركا تتقدم السباق، لكنها تنظر للخلف لترى القوة الصينية وهي تكاد تتجاوزها، والسباق على أشده بين الدول المتقدمة للمحافظة على ترتيب متقدم في هذا السباق، وحين ننظر إلى أهم العوامل الحاسمة في سباق الدول نجد أنها في القادة المتميزين، وفي العقول المبدعة، فهما العنصران الحاسمان في كل ميادين السباق، وهما المحرك الأساس والدائم للاقتصاد الذي هو الداعم لبقية مصادر القوة من عسكرية وغيرها، وقد رأينا ذلك في دول صغيرة بمساحاتها، وفي عدد سكانها، ومع هذا تقدمت وأصبح دخل الفرد فيها من أعلى الدول مثل سنغافورة وتايوان وهولندا، ورأيناه في دول كبيرة وبعدد كبير من السكان مثل الصين حين ودعت الأيديولوجيا الشيوعية في عهد ماوتسي تونق، وهبت عليها نسمات الحرية الفردية، فازدهر الاقتصاد، وأصبحت مصنع العالم، والقوة الاقتصادية الثانية وقريباً ستصبح الأولى، وأخرجت مئات الملايين من السكان من دائرة الفقر، ومثلها الهند. بينما يوجد دول لديها كل مقومات النهضة الاقتصادية وغنية بالمصادر الطبيعية، وخصوبة التربة والأنهار، ومع هذا تستورد الكثير من احتياجاتها الأساسية من غذاء وكساء من الخارج، والسبب يعود إلى القيادة والتعليم بشكل خاص.
العنصر الأساس في كل تقدم أو تخلف هو الإنسان، وكل بلد رزق بقيادة قوية مخلصة، وتعليم متميز، ومناخ مناسب من الحرية والتشجيع والإبداع، سوف ينهض لا محالة، وسيلحق بركب الدول المتقدمة عاجلاً غير آجل، وهذا هو ما نراه اليوم في المملكة.. وللمزيد من النجاح علينا التركيز على النقاط الآتية:
أولاً: القيادة.. تشكل قوة موجهة وملهمة وغير عادية، بل تمثل الحد الفاصل بين النجاح والفشل سواء على مستوى الفرد أو المؤسسة أو الدولة، ولا أقول ذلك من قبيل المبالغة، لكنها من خبرة خمسين عاماً من العمل في الدولة، تنقلت خلالها من قيادة السرب إلى قيادة القاعدة والهيئة والكلية، وما بينها من دورات قيادية وحرب تحرير الكويت، مع اهتمام بالغ بالقراءة عن القيادة وتأثيرها، وجدت خلال هذه المسيرة وهذا الاطلاع ندرة في القادة المتميزين، والدليل على ذلك هو الطلب الكبير على القادة والدفع لهم بسخاء رغم أنه لا توجد أسرار أو عوائق تمنع الشخص من أن يكون قائداً ناجحاً، لكنني أرى أن من أهم العوائق هو أن كل من يتولى القيادة يتبع أثر من قبله، حتى وإن كان ذلك القائد لم يبدع ولم يجدد، وقد يكون حافظ على مركزه فقط، القيادة قابلة للتعلم ومن أهمها تعلم القيم التي من أهمها الأمانة التامة، والشجاعة والعدل والنشاط الذي لا يبقيه أسير مكتبه، وفي المملكة ومع هذا الزخم الكبير والمشاريع العملاقة والشركات الكثيرة نحتاج إلى قادة يلبون طموح القيادة، وهذا يحتاج إلى برنامج وطني يبحث عن القادة ويدخلهم في برامج قادة المستقبل ويمكنهم من التدريب على القيادة في سن مبكرة، كما هو في أرامكو والشركات الناجحة الأخرى.
ثانياً: التعليم.. وهو الرافد الأساس للعقول المبدعة والمتنورة، وهو المعد لقادة المستقبل، وحين يكون التركيز على هذين العنصرين: (القيادة والعقول المبدعة) تتحول المدارس إلى ورش عمل ونشاط، ومهارات تواصل، ونقد بناء، فكل المهارات تكتشف وتصقل بالتدريب العميق والممارسة المستمرة، ومن أهم ميادين تعلم القيادة الانخراط في أنشطة الكشافة، وفي الأنشطة اللاصفية كالمسرح، والتطوع بأنواعه، والرحلات والمغامرات المدروسة التي يخطط لها الطلبة وينفذونها تحت إشراف معلم مختص.
ثالثاً: لن يتحرر العقل ويبدع إلا بالتخلص من قيود الأيديولوجيا وأحابيلها، الأيديولوجيا توهم الشخص أنها تمتلك كل الحلول لما يواجه الوطن من تحديات، والعالم العربي ابتلي بأحزاب وجماعات دينية وقومية ومذهبية تغذى من الداخل والخارج، وكل حزب يدعي أن الخلاص على يديه.
الحرية الفكرية هي التربة المناسبة للعقل المبدع، وينمو ويستمر مع التشجيع والدعم، وينضج تحت مطارق الأسئلة والتحليل والمساءلة والشكّ، وهذا ما يجب أن يطبق في مختلف المراحل الدراسية.
القائد المنتج هو الذي يترجم كلماته إلى أفعال، والإنجاز هو الشيء الوحيد الذي يميز القائد الناجح من القائد المنظّر فقط.. أما العقول المبدعة فهي الكنز والثروة التي لا تنتهي ولا تنفد بكثرة الاستخدام، وهي العامل الحاسم على مستوى الشركات والدول.




http://www.alriyadh.com/2042815]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]