«من هو الطفل؟ إنسان في بدايات الحياة يفوقنا في البراءة والطهر والنقاء؛ إنسان مستكشف، مندفع، مقبل على الحياة. كيان نفيس ثمين حمايته مهمة كي لا يفقد ميزاته التي ستجعله فرداً عظيماً في مجتمع عظيم»، هكذا عرفت مفهوم الطفل أيقونة الوعي للطفولة والمختصة الدكتورة سارة بنت عمر السبتي العبدالكريم عضو هيئة حقوق الإنسان. وهو التعريف الذي منه ننطلق لعهد جديد بالوعي الحقوقي للأطفال، وفي هامش هذا السؤال أضيف: ما هي الأسرة في 2050؟ وما الأدوار المطلوبة لحماية الطفولة في العقد المقبل؟ قد تبدو الكثير من الأسئلة حول ماهية الطفل والمجتمع بديهية ويستطيع أي شخص أن يفتي بها! لكن المختصين والعارفين يدركون تماماً أن هذه الكيانات الصغيرة الحجم والكبيرة الدهاء واللطافة لا ينطلي عليها قصص الأمهات وحكايا الجدات، نعم، الطفولة اليوم تشهد باختصار شديد ضياع بوصلة «المصدر»، بل الأسرة اليوم بمفهومها القديم تتآكل وتتشكل من جديد، وهذه ليست علامات سلبية أو إيجابية، هي تحولات إنسانية وسنة كونية ماضية في طريقها شئنا أم أبينا، والمدرك من يتدارك ضياع دوره ويطرح الأسئلة أولاً.
في هذا الإطار المفاهيمي والاجتماعي دشن معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، بمشاركة معالي وزير الصحة المهندس فهد الجلاجل، ومعالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري؛ (الإطار الوطني لسلامة الأطفال على الإنترنت)، وذلك في مستهل أعمال منتدى الأسرة السعودية السادس الذي انعقد هذا العام تحت شعار «الأسرة السعودية في ظل المتغيرات المعاصرة». والذي أقيم في عاصمة الطفولة والرفاه مدينة الرياض في الثاني عشر والثالث عشر من نوفمبر الجاري، ولعل الكلمة التي استوقفت الرأي العام شفافية معاليه حينما قال: «في هذا العصر لن يكون هناك مكان آمن للأطفال إذا لم نتعامل بجدية مع موضوع الأمن بالفضاء الرقمي»، وقد قدم المنتدى ورشات وندوات متعددة للتوعية المجتمعية.
طفولة اليوم بين الفضاءات الرقمية والمحتوى الرقمي تحتاج التفاتة جادة من صناع الإعلام بشكل عام والمحتوى بشكل خاص، في 2017 نشرت الدكتورة هالة سعيد العمودي بحثاً بعنوان «تقويم وتطوير برامج الأطفال في التلفزيون السعودي» وهي ورقة مهمة جداً لصناع الاستقرار، طرحت من خلالها أسئلة محورية عن ماهية المعايير التي يجب أن يتم في ضوئها اختيار البرامج الموجهة للأطفال، ومدى تحقيق هذه البرامج لمبدأ الانتماء والحس الوطني وتنمية ذكائهم والإبداع والابتكار، كذلك مدى تحقيق التكامل بين الأسرة والمجتمع، وقد اقتصرت الدراسة على البرامج الموجهة حديثاً في التلفزيون السعودي، والحقيقة لم أستغرب من نتائجها التي عكست غياب تعبير المحتوى عن قيم المجتمع السعودي ولا عاداته وهويته، بل وجدت أن 31 ٪ من العينة من المعلمين لا يشاهدون القناة بسبب عرضها برامج وأفلام قديمة، أكثر من 60 ٪ من الآباء لم يشاهدوا القناة أيضاً. وقس على هذا الكثير من المحتوى الموجه للطفل السعودي ثم نغضب حينما يتجهون للقنوات الأجنبية ويتحدثون لغتهم، لأننا ببساطة لم نقدم ما يغذي عقولهم ويشبع تطلعاتهم سواء عبر القنوات الرسمية أو غير الرسمية.
أخيراً، فإن مشاركة المجتمع بالمنتديات التوعوية مهم وضروري، لكنه لا يعفي المسؤول عن هذا الجانب من هذه الأمانة الثقيلة والصعبة والتي تجعل الكثير من الكليات التربوية في العالم يطلبون مسحاً أمنياً لكل من يوجه لتدريس الأطفال، فهم يأخذون الطفولة على محمل الجد، وفي يوم الطفل العالمي 20 نوفمبر والذي أعلن في 1954 أقول: إن حقوق الطفل ليست مجرد قطع حلوى وأحضان وقبلات، هي الحقوق التي منها ينشأ الإنسان ليبني مجتمعه ويحيا بأمن وأمان. دمتم بحب وقلوب نقية.




http://www.alriyadh.com/2044322]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]