كبار السن وبالأخص المتقاعدون، يحتاجون إلى الدعم المالي بدرجة أكبر من غيرهم، فقد تكون ملاءتهم المالية أقل من الحد الأدنى لمتطلباتهم، بجانب التعاقد مع القادرين من أصحاب الخبرات والكفاءات، أسوة بالأجانب المتعاقد معهم بمعرفة الأجهزة الحكومية والخاصة، وخصوصاً من تجاوزت أعمارهم 65 عاماً..
من المفترض أن يكون لكبار السن مكانة رفيعة في المجتمعات العربية، وهو ما جرت عليه العادة على الأقل في دول الخليج العربي، وتحديداً قبل ثورة الاتصالات والمعلومات، ولكن هذا الوضع تغير والدليل إحصاءات وزارة الموارد البشرية السعودية، فقد نشرت أن حالات العنف ضد كبار السن، وصلت إلى أكثر من 450 حالة في عام 2021، ما يرجح احتمالية تفاقم المشكلات في مقبل الأيام، لأن نسبة المسنين لا تتجاوز 8 % للجنسيـن، في الوقت الحالي، أو مليــون وسبعمـــــائة مواطن، وسترتفع إلى 11 % في 2030، و25 % في 2050، والسابق يفسر استحداث نظام لحقوق كبير السن ورعايته، وصدوره في 2022، لمن أعمارهم 60 عاماً فأعلى، وقد تم توجيهه إلى مليون شخص يتعامل معهم، في القطاعات المختلفة، ومن أهم ما جاء في النظام، تمكين هذه الفئة من الحياة في بيئة تحفظ حقوقها وكرامتها، وإعطاؤها الأولوية في الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية.
كالاستثناء من المواعيد الطبية البعيدة، ومن الوقوف في الطوابير الطويلة، وعدم الإيداع في دار الرعاية الاجتماعية، إلا إذا وافق المسن أو طلب، أو عند صدور حكم قضائي بذلك، ولا يحق لعائل كبير السن التصرف بماله من دون موافقته، وإذا كان الكبير قاصراً عقلياً، فلابد من إصدار صك ولاية عليه عن طريق محكمة الإنهاءات، وفي مثل هذه الحالات يجوز لوليه الشراء لا البيع، والوكالة الشرعية على غير المدرك تعتبر باطلة، وتدخل في حكـم الجناية المعاقب عليها، وقد حدد النظام عقـــوبات ابتدائية لمن يخالف أحكامه، وبحيث لا تزيد على السجن لمدة عام، أو الغرامة المالية المقدرة بنحو 133 ألف دولار، وفي عام 2017 أجريت دراسة على 28 دولة حول العالم، واتضح أنه في العام السابق على الدراسة، تعرض 16 % من الأشخاص الذين كانوا في سن الستين فأكثر، إلى شكل من أشكال سوء المعاملة، والأصعب أن النسبة كانت استناداً لما تم الإبلاغ عنه، والذي يمثل حالة واحدة في كل 24 حالة إساءة.
توجد ثلاثة آلاف جمعية في المملكة، من بينها 17 جمعية متخصصة في رعاية كبار السن، ورغم تقنين وتنظيم حقوق كبار المواطنين، مثلما يسمونهم في أميركا، إلا أن خدماتهم محدودة وجمعياتهم غير موجودة في مناطق الحدود الشمالية وحائل ونجران، ووزارة الموارد البشرية معنية بهذا الأمر، إلا أنها تهتم بالجانب التنظيمي، ومن مشاريعها، الواحات النموذجية الذكية، التي تحتوي على أندية اجتماعية ودور للإيواء المؤقت والدائم والرعاية النهارية، بالشراكة مع القطاعين الخاص والثالث، أما الإشراف المالي والإداري على جمعيــات الكبار، فإنه يدخل ضمن اختصـاصات المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، والفارق الأساسي بين السعودي والآخرين، يبدو في أن الدولة لا تأخذ ضريبة دخل تستقطع فيها قرابة 50 % من الراتب الشهري، مثلما تفعل الدول الغربية، ثم تصرف من هذا الاستقطاع بعد التقاعد، ومن لا يدفع عندهم لا يحصل على شيء، ومن الشواهد، المشردون المنتشرون في شوارع أوروبا وأميركا.
تفيد الإحصاءات الرسميـــــة في المملكة، بأن 66 % ممن اضطروا للعمل بعد التقاعد النظامي في سن الستين، كانت رواتبهم التقاعدية لا تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية، علاوة على معاناتهم من التهميش العاطفي والعزلة الاجتماعية والتنمر، ومعاملتهم وكأنهم أموات، والفكر النفعي يعزز هذا التوجه، بينما العمل فيه حركة ومجهود رياضي، وبعض الدراسات تعتقد بأن الرياضة تزيد في أعمار ممارسيها بمقدار 25 عاماً.
كبار السن وبالأخص المتقاعدون، يحتاجون إلى الدعم المالي بدرجة أكبر من غيرهم، فقد تكون ملاءتهم المالية أقل من الحد الأدنى لمتطلباتهم، بجانب التعاقد مع القادرين من أصحاب الخبرات والكفاءات، أسوة بالأجانب المتعاقد معهم بمعرفة الأجهزة الحكومية والخاصة، وخصوصاً من تجاوزت أعمارهم 65 عاماً، فلا أحد يختلف على أن من بينهم شخصيات بارزة في مجالاتها، ويمكن اعتبارها بمثابة البوابة التي ستوصل الشباب إلى المستقبل الذي يريدونه، بواسطة نقل ومشاركة الخبرة والمعرفة معهم، فهم ليسوا بنايات قديمة أو بيوت أشباح، ومن الأمثلة، الكيميائي جون غودنوف، الذي حصل على جائزة نوبل في 2019 وعمره 95 عاماً، وأصدر جونثان سويفت مجموعته: رحلات غاليفر، بعد سن 65، وبدأ كولونيل ساندرز مشروع دجاج كنتاكي وسنه 60 عاماً.
بالإضافة إلى توفير خدمات واسعة في بطاقة امتياز المقترحة لهم، وتضمينها نسب تخفيض معقولة على كل ما يمثل أولوية لكبار السن، وتمكين المستأجر منهم من مسكن يتملكه، عن طريق تأسيس صندوق اجتماعي لدعمهم، تتشارك فيه القطاعات الثلاثة، وبحيث يأتي على رأسهم موظفو الدولة، ممن أشغلتهم أعمالهم الحكـــومية عن أمورهم الشخصية، وهؤلاء من حقهم أن يعيشوا بكرامة وعزة في الفترة المتبقية من حياتهم، ونظام حقوق الكبير لا يشمل المخالفين لأنظمة الدولة والمجرمين، فالسن يفقد قيمته الإنسانية في مثل هذه الظروف.
http://www.alriyadh.com/2044806]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]