مازالت ردود الأفعال المتفائلة والمتوجسة تلقي بظلالها على المشهد العام، والافتراضي، بعد الإعلان عن إطلاق منظومة التأمين الصحي بثوبها وخططها الجديدة بعد طول انتظار، وذلك يعكس الاهتمام الشعبي بتلك القضية المحورية، لأنها –باختصار– تمس حياة الإنسان على أرض المملكة،، فهي قضية ذات أولوية خاصة لدى المواطن، بعدما تناثرت الأخبار طوال أكثر من عقدين من الزمن عن إطلاقها أو تأجيلها، وربما تنظيمها، تلك الحالة التفاعلية تضع مسؤوليات جسام على كاهل صانع القرار والسلطات التنفيذية؛ لخروج منظومة التأمين الصحي في صورة تتوافق وتطلعات الإنسان السعودي بمختلف شرائحه الاجتماعية والثقافية والعمرية في كل أرجاء المملكة، ليعم خيرها، ويعود الأمل، ويصبح واقعاً نلمسه على الأرض، وليس مجرد وعود.
لقد أحيا وزير الصحة الأمل في قلوب المواطنين بالإعلان عن تلك المنظومة العصرية التي لن يكون لها مثيل في منطقتنا العربية، وأزعم تفردها على الساحة العالمية، لأن ما شاهدناه في الفترة السابقة يؤكد أن القرار بإطلاق
المنظومة هذه المرة يختلف عن سابقاتها، ويظهر لنا جليا أن هناك تخطيطاً على أعلى المستويات، وإصرار على نجاحها، وأن تطال خدماتها كل إنسان على أرض المملكة الشاسعة المترامية الأطراف.
إننا أمام منظومة وطنية للتأمين تختلف عن التأمين التجاري، الذي ينقطع بانتهاء العقود، ويستمر باستمرارها، ومع إيجابياته إلا أنه يحمل في طياته الكثير من السلبيات، أهمها أنه لا يغطي جميع الحالات، أو التحاليل، أو التخصصات، أو العمليات الجراحية، ولابد من الحصول على موافقات مسبقة قبل تقديم الخدمة، إضافة أن هناك العديد من العلاجات لا يمكن أن يوفرها التأمين التجاري، ناهيك عن الشرائح المتدنية التي لا تقدم خدمات على الإطلاق، إلا لإصدار الإقامات للمقيمين، أو إبرام عقود العمل للمواطنين، في المقابل نجد المنظومة الجديدة تستمر مع المواطن من لحظة الميلاد حتى الوفاة – أطال الله في أعماركم جميعاً – ولا تحتاج إلى تجديد أو تمديد، ولا ترتبط بعقود أو غير ذلك، لأنها منظومة وطنية مدعومة من الدولة بشكل مباشر، إضافة إلى مجانية الخدمة للشرائح المستفيدة المشمولة بالخدمات الصحية الحكومية، كما أن التأمين الصحي الوطني لن يكون له سقف لأداء الخدمة، فأصبح الأمل مرئياً أمام الأعين، حيث تأتي مرحلة التهيئة للتأمين الوطني تتزامن مع بداية المرحلة الثانية من التحول في وزارة الصحة بانتقال التجمعات الصحية التدريجي إلى شركة الصحة القابضة وهي العملية المخطط أن تبدأ منتصف العام القادم 2024؛ التي سيستغرق العمل فيها قرابة عامين لاكتمالها، تليها مراحل تفعيل التأمين الصحي الوطني للمستفيدين.
النقطة الأهم لنجاح هذه المنظومة الوطنية الرائعة، تأهيل المستشفيات في كل مناطق المملكة، إضافة لتدريب وتأهيل الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية، خاصة من السعوديين، وتلك النقطة تحتل أولوية قصوى، لأننا أمام مشكلة كبيرة في توفير عناصر التمريض ذات الكفاءة، فلا نجاح لمنظومة صحية دون وجود فرق تمريض على أعلى مستوى من الكفاءة، لذا يجب أن يكون هناك تعاون بين وزارتي الصحة والتعليم والمعاهد المتخصصة لتخريج وتدريب كوادر تمريضية من الجنسين، مع حل مشاكل المنظومة التمريضية الحالية؛ حتى نضمن نجاح فلسفة التأمين الصحي الوطني بشكله الجديد.




http://www.alriyadh.com/2046257]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]