اشتعلت منتصف هذا الأسبوع حرب كلامية بين وكالة موديز، والصين، بعد أن خفضت الأولى، التصنيف الائتماني للثانية، من مستقرة إلى سلبية، حتى اضطرت وزارة المالية الصينية للتعبير عن خيبة أملها إزاء هذا الخفض الذي وصفته بالمعيب، لكن، الرد من "موديز" جاء سريعاً في اليوم التالي، عندما وضعت هونج كونج وماكاو و18 شركة صينية على مقصلة التخفيضات، في الوقت الذي خفضت فيه توقعاتها لثمانية بنوك حكومية من مستقرة إلى سلبية، مما أعاد للذاكرة الاقتصادية سيناريو آخر مرة خفضت فيها الوكالة الشهيرة تصنيف الصين في عام 2017، وهو الخفض الأول منذ ثلاثة عقود، والواقع، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم التشكيك فيها بالتصنيفات الائتمانية، ففي أغسطس الماضي، رفضت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بشدة تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
على أي حال، لا يتوقع أن يكون لهذا التصنيف السلبي، في توقيته، تأثير ضخم على المدى الطويل، لأن معظم سندات الحكومة الصينية محتفظ بها محلياً، وسيكون التأثير محدوداً على المدى القصير، وستكون الآثار الاستثمارية طفيفة للغاية، لذا، لا يتوقع هجرة جماعية للمستثمرين، لأن آفاق النمو الصيني تبقى قوية للغاية، والتغلب على التحديات الراهنة في المتناول، كما أن الصينيين لن يكترثوا كثيراً بهبوط التصنيف، لأن الأميركيين، الغريم التقليدي، سبق أن تضرروا إعلامياً بخفض مماثل عبر وكالة فيتش خلال مراجعة شهيرة في أغسطس، ولم يحدث شيء، إلا أن هذا التحرك يلفت النظر إلى تلال الديون المتراكمة في الصين، حيث يبلغ إجمالي القروض المحلية الصينية 66 تريليون يوان، وهذا أكثر من مبلغ 30 تريليون يوان تحتفظ بها الحكومة، أو 40 تريليون يوان تحتفظ بها الحكومات الإقليمية.
في المجمل، سيؤدي تحرك "موديز"، إلى تكثيف معركة الصين مع تعزيز الثقة باعتبارها أولوية قصوى، حيث تضع هذه الأخبار ضغوطاً على السلطات لفرض إجراءات داعمة لسوق الأسهم واستقرار العملة المحلية، خاصة وأن هذه المخاوف دفعت ببعض المؤسسات المالية إلى عقد مقارنات بين أعراض الاقتصاد الكلي المماثلة التي كانت تعانيها اليابان قبل العقود الضائعة من الركود، وهو ما يمكن أن نفهمه في إطار الحرب المالية الأوسع بين واشنطن وبكين، لأن خطوة "موديز" من شأنها النيل من سمعة الاقتصاد الصيني، وخفض استثمارات الأجانب في الأصول الصينية، وهذا الأمر سيرفع تكاليف التمويل، وسيؤدي إلى تدهور جودة الأصول، وهروب بعض الاستثمارات المتأرجحة، خاصة وأن الصين سجلت أول عجز ربع سنوي في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر، عندما خرجت من البلاد 75 مليار دولار في سبتمبر، وهذا هو أكبر نزوح شهري منذ عام 2016.
في تلك الأثناء، تتخذ الصين مجموعة من التدابير لتهدئة الأسواق، واستعادة الثقة، ودعم سوق الأسهم، بما في ذلك خفض رسوم الدمغة، وإبطاء وتيرة الإدراجات، وتعزيز الإصلاحات من أجل جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية طويلة الأجل، فالصينيون يدركون جيداً حجم تأثير "البروباجاندا" أو الدعاية الأميركية المضادة في زمن الحرب التجارية، حيث سيكون من الصعب التخلص من التوقعات الضعيفة للنمو مع تدني الثقة الدولية، ولهذا، من المرجح أن تزداد الضغوط على الأسهم الصينية والاقتصاد بشكل عام، إذا استمرت تكلفة التأمين على الديون السيادية في الارتفاع، وبدأت عمليات الإنقاذ، ولن تستقر المعنويات في السوق الصينية على نحو مستدام إلا إذا قدمت بكين خارطة طريق لحل نقاط الضعف البنيوية التي تقيد إمكانات النمو، مع ضرورة معالجة الديون الخفية للحكومات المحلية.
http://www.alriyadh.com/2047436]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]