منذ أول بث إذاعي حدث دون تخطيط عام 1916م، ثم توالي انطلاق البث التجاري للإذاعات عام 1920، تمكنّت الإذاعة من الاستمرار على قيد الحياة، رغم تسارع التقنية وتقدم الوسائط الإعلامية الأخرى، بل لا تزال الإذاعة الأسهل وصولاً والأقل تكلفة بين جميع الوسائط الإعلامية!
في المملكة انطلق أول بث إذاعي من جدة عام 1949م، ومع الوقت امتدت التغطية وزادت ساعات الأثير، وتعددت اللغات، وتضاعفت الإذاعات الحكومية، ثم انطلقت الإذاعات التجارية عام 1994م، وكان للإذاعات السعودية دورٌ ملموس في تعزيز التواصل الوطني، ونشر الأخبار، ومكافحة الأميّة، وإشباع رغبات المستمعين إخبارياً وثقافيًا وترفيهياً.
هناك مميزات متعددة للإذاعة، أهمها أنها لا تحتاج إلى جهدٍ وعناء، كما أنها الوسيلة الأفضل للوصول إلى المستمعين الأميين وكبار السن، والأهم ارتباطها الوجداني مع جمهورها، فهي تجذب المستمع لأنها تحرر خياله وتطلقه بلا قيود، وتضفي جواً من الألفة والصداقة مع مستمعيها، كونه يعتقد أن المُتحدث يخاطبه هو بذاته! وليس كما التلفزيون الذي يخاطب الجماهير، كما أن الإذاعة لا تتطلب سوى استخدام حاسة السمع فقط، لذا يستطيع المستمع القيام بأنشطة مختلفة أثناء الاستماع مثل قيادة السيارة أو الطبخ أو غير ذلك.
واليوم مع تقدم التقنيات وانخفاض تكلفة تشغيل الإذاعات تبرز الحاجة الماسة لاستغلال هذه الوسيلة الإعلامية المؤثرة، بإضافة مسارٍ جديد للإذاعات السعودية، عبر إنشاء إذاعات موجات طويلة (إف إم) إقليمية، تبث من كل منطقة إدارية، مستهدفته جمهورها المحلي، الأمر الذي سوف يعزّز نجاح الإذاعة ووصل رسالتها، خاصة مع وجود البنية الأٍساسية لمرسلات وزارة الإعلام الممتدة عبر أرجاء المملكة، وهي استلهام لتجارب الكثير من الدول بوجود إذاعات محليّة للمناطق أو الولايات، بل حتى وجود إذاعات للمدن الصغيرة والطرق السريعة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية! تستطيع الوصول لها عبر المذياع أو عبر البث الرقمي.
هذه الإذاعات المناطقية سوف تنجح في إثارة اهتمام جمهورها، لأنها تركز على اهتماماته بدلاً من استهداف جمهور وطني واسع النطاق، من أخبار ومعلومات المنطقة التي يعيش فيها، وسهولة الإعلان عن المستجدات والتحذيرات المحلية وحالات الطوارئ، وإبراز تراث وفلكلور وكذلك قصص ومواهب ومناطق الجذب السياحي بالمنطقة، كما أن المُعلن سوف يصل إلى شريحته المستهدفة بسهولة، بدلاً من التكلفة المرتفعة للإعلان في إذاعة تبث إلى عموم المملكة، والأروع هنا أنها فرصة لاستقطاب الكفاءات المحلية ومنحها الفرصة، تمهيداً لوصولها إلى المستوى الوطني.
ولك أن تتصور وجود ثلاث عشرة إذاعة مناطقية بالمملكة، وما ينتج ذلك من تنافسية إبداعية وإنتاجية وابتكارية! ولنا في تجربة إذاعة "العلا" -التي بدأت قبل شهرين- خير مثال، حتماً هذا التنافس المحمود سوف ينعكس على جودة طيف الإذاعات السعودية وبالتأكيد وصول وتأثير إعلامنا السعودي.




http://www.alriyadh.com/2052588]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]