جميعنا يعرف الملياردير الأميركي "وارن بافيت"، الذي يُقدر رصيده بمليارات الدولارات، وتُدرس مسيرة بناء ثروته في كل مكان، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنه وحتى العشرين من عمره لم يكن يستطيع التحدث علانية أمام الناس!
لم يكن التواصل أمراً سهلاً للملياردير، بل سبق قوله في تلك الأثناء: إن "مجرد التفكير في الأمر يجعلني أشعر بالمرض"! لذا أخذ على عاتقه مبكراً ضرورة التخلص من هذا الخوف غير المبرر، وقرر بنفسه أن يفعل شيئاً تجاه ذلك خلال دراسته في جامعة "كولومبيا"، فاختار التسجيل في إحدى دورات المعهد الشهير "ديل كارنيجي" للتحدث أمام الجمهور، لكنه لم يستطع توفير تكاليف الدورة، وشعر -أيضاً- بالتردد، ليتراجع عن حضور الدورة!
لكنه وحينما عمل مندوب مبيعات بعد تخرجه، أدرك أنه لا يزال يعاني من صعوبة التواصل مع الآخرين، فرجع مرة أخرى وسجّل في الدورة نفسها، ليدفع مائة دولار مقابلها، وهو ما يعد مبلغاً ضخماً حينئذ، ولا يزال يرى هذا العصامي الملياري أن هذه المائة دولار كانت أفضل استثماراته!

لا يزال يتذكر العجوز العصامي تلكم الدورة كما لو كانت يوم أمس، إذ كانوا ثلاثين شخصاً، جميعهم ليسوا عاجزين عن التواصل فقط، بل حتى عن نطق أسمائهم بوضوح أما الجمهور، ولكن عبر العزيمة والتدريب العملي المتواصل على مدار أسابيع، تبدّلت حالهم وتجاوزوا حواجزهم الصوريّة، وتمكنوا من التغلب على ترددهم الوهمي بمساعدة وتشجيعهم البعض.
غير إن "بافيت" وبمجرد الانتهاء من دورة الخطابة، قرر استكمال كسر الحاجر بالتدريس في الجامعة! حتى لا يعود لسابق عهده من الانطواء والخجل، إذ يقول: "عِلمت أنه إذا لم أتحدث أمام الناس بسرعة فسوف أعود إلى حيث بدأت". والحقيقة أن قصة نجاح لمدير التنفيذي لـ"بركشاير هاثاواي" تؤكد أهمية تطوير وتحسين مهارات التواصل مع الآخرين، وبالذات التحدث أمام الجمهور، لما لها من أثر كبير في إيصال الرسالة وتحقيق الأثر، وهي المهارة التي تستحق صرف الأموال وقضاء الوقت لتطويرها.
ودوماً ما يجيب على أهم نصيحة يقدمها لمن يتطلع للنجاح في عالم الاستثمار، بأن تبدأ الاستثمار في نفسك! وأهمها مهارات التواصل، فبدونها لا فائدة من شهادات ماجستير الأعمال أو الدورات الفنية المتخصصة، بل تطوير مهارات التواصل يرفع قيمتك بشكل مضاعف، على حد قول "بافيت" في أكثر من خطبة ولقاء تلفزيوني، وهو ما يؤكده نجاح الكثير من القادة ورجال الأعمال حول العالم.
رغم تجاوزه التسعين من عمره، لم يتوقف يوماً "بافيت" من إلقاء محاضراته الجماهرية أو المشاركة في اللقاءات الإعلامية، فهو يعلق دوماً مازحاً: "الآن، لا يمكن لأحد أن يوقفني عن الحديث حتى أمام الجمهور"!




http://www.alriyadh.com/2053830]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]