لماذا يعمل الناس 8 ساعات يوميا؟ كيف بدأ هذا النظام، وهل سيتغير، وما الأسباب التي تبرر التغيير؟
يجيب عن هذا الأسئلة كتاب بعنوان (لماذا نعمل 8 ساعات) لمؤلفه الدكتور عبدالله العمادي. وهو كتاب يحتوي على قصص من عالم الإدارة والقيادة.
يفتح المؤلف نافذة التاريخ وتحديدا إلى القرن الثامن عشر حين كان الجميع بما في ذلك النساء والأطفال يرغبون في العمل في المصانع خلال الثورة الصناعية، ووصل الأمر إلى العمل 18 ساعة في اليوم. حدث احتجاج على استغلال أصحاب المصانع للعمل وكان الاحتجاج بقيادة صاحب مصنع اسمه روبرت أوين، فكانت النتيجة تحديد 8 ساعات عمل باليوم.
لماذا بعد هذا التحديد لساعات العمل يطرح المؤلف السؤال من جديد؟ هو ينطلق من تجارب عملية منها تجربة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في 2019. في هذه التجربة التي حدثت في أستراليا كانت بمبادرة من رئيس شركة استشارات مالية بدأ العمل بدوام جزئي لأن زوجته كانت تعالج من مرض السرطان. النتيجة أن رئيس الشركة لاحظ أنه يستطيع إنجاز الكثير من العمل خلال 5 ساعات كما كان يفعل خلال 8 ساعات. قرر رئيس الشركة بعد تلك التجربة تعميمها في شركته. التجربة حسب التقرير كانت ناجحة وكان من نتائجها انخفاض أيام الإجازات المرضية وتوظيف موظفين جدد موهوبين وارتفاع مستوى الأداء.
ويشير التقرير أيضا إلى أن التجربة وضعت حدا للاجتماعات الطويلة، وحدا للبقاء في المكتب إلى الساعة الخامسة مساء حتى لو أنجز أعماله لأن المدير لا يزال في مكتبه.
يرى مؤلف الكتاب أن ساعات أطول لا تعني إنجازا أكثر. ويشير المؤلف إلى دراسات تؤيد هذا الرأي. في إحدى الدراسات يشير 79 % من المشاركين إلى أنهم لا يعتبرون نفسهم منتجين طوال يوم العمل، كما يشيرون إلى الأعمال والأنشطة الملهية خلال ساعات العمل الرسمية ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، وقراءة المواقع الإخبارية، وتناول الوجبات، وإجراء مكالمات مع البيت أو الأصدقاء. وأشار 65 % من المشاركين في الدراسة إلى أنهم ليس بإمكانهم العمل 8 ساعات دون تلك الملهيات.
يرى المؤلف أن تغيير فكرة الثماني ساعات أمر مطلوب إعادة النظر فيه خاصة بعد التطور التقني.
لا شك أن المؤلف يطرح الموضوع بطريقة موضوعية ويستند على حيثيات منطقية ودراسات. ويمكن القول إن الحديث عن ساعات العمل يرتبط بطبيعة العمل إذ يصعب تعميم نظام واحد على جميع الأعمال. التقنية أحدثت كثيرا من التغيير في هذا الموضوع ومن أبرز علامات التغيير التركيز على الإنتاجية. العمل عن بعد، أو التعليم عن بعد كان تجربة مر بها العالم في ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا، ومع أن لتلك التجربة آثارا إيجابية كما أشار المؤلف فإن تطبيقها بشكل دائم ينطوي على بعض السلبيات ومنها ما يتعلق بالجانب النفسي والعلاقات الإنسانية التي تمثل حاجة أساسية في حياة الإنسان. ونشير هنا إلى تلك الأنشطة التي يمارسها الموظف أثناء ساعات العمل الرسمية التي يطلق عليها مسمى (ملهيات) تنظر لها بعض المنظمات على أنها جزء مهم في توفير بيئة عمل إيجابية.
موضوع يستحق النقاش من كتاب جميل يستحق القراءة.




http://www.alriyadh.com/2057746]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]