لا يستطيع أي عاقل أن ينكر أن أميركا مازالت سيدة القوة عالمياً¡ في الولايات الأميركية تتم الانتخابات وفي بلدان الإعلام ووسائل الإعلام يتبارى الجميع في تحليل المشهد الانتخابي الأميركي¡ متابعة المنبر الانتخابي حيث الخطاب الصاخب والخطاب الهادئ وحيث المفردات والجمل بما تحمله من معانٍ ودلالات متعددة وحيث الرسائل الموجهة تارة للداخل وتارة للخارج¡ حيث يكون الناخب هدفاً والداعم هدفاً والحليف هدفاً والخصم هدفاً¡ حيث الشركاء في خطى الغد..
الشارع السعودي مثل غيره تفاعل مع الحدث وبقيت الدبلوماسية السعودية برزانتها المعتادة في التعامل مع الأصدقاء¡ إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي حملت لنا تميزاً مجتمعياً في تناول الحدث بروح عالية الطرافة¡ ولم تغب ثقافته وموروثه الاجتماعي عن ملامح تعابيره وردود أفعاله عن خسارة السيدة هيلاري على وجه الخصوص..
بعيداً عن الشارع السعودي¡ نجد أن الانتخابات الأميركية حركت المياه الراكدة في كل مفاصل العالم دون استثناء¡ فرئيس أميركا بشكل أو آخر يشارك في صناعة سياسات كثير من دول العالم¡ فكيف سيكون الأمر مع نجاح رئيس رفع راية القوة في تفاصيل برنامجه الانتخابي معلناً تارة الحرب على المسلمين والمكسيكيين وتاريخه الشخصي ليس جيدا مع المرأة مما أحبط بعض النساء اللاتي أخطأن باعتقادهن ان هيلاري ستضع في جدول أعمالها بعد تسنم الحكم احتياجاتهن..¿¿
ولا ننسى أن جوانب كثيرة من حياته الشخصية لا تتفق مع ثقافة المحافظين حتى في دول الغرب..¡ تفاعل الشارع العربي معه لم تكن ابتهاجية كما كانت مع حفيد حسين حيث نحرت خراف الفقراء اعتقاداً ان بركاته ستصلهم وهي فعلاً شملتهم فزاد على فقرهم عدم الأمن وعمت الفوضى في طرقات هشة كانت تحتاج فقط هبة نسمة ليغرقها الغبار.. القلة راهنت على فوز ترامب وتمنت نجاحه..¡ الإشكال ليس أن تفرح أو تغضب لفوز هذا أو ذاك الإشكال يكمن فيما يدفع هؤلاء للفرح والإحباط المؤكد أن فوز ترامب أو خسارة هيلاري ليس مؤثراً بشكل جوهري في الموقف فأميركا دولة مؤسسات وتشريعات قانونية تؤطر عمل الرئيس بمعنى انه ليس مطلق اليد وليس كامل الحرية بحيث تنام أميركا بحال وتصبح بحال¡ ربما تتضح جرأة وشجاعة هذا الرجل بشكل مغاير لحالة الضعف لسلفه ولكن السياسة الأميركية الخارجية على وجه الخصوص سيكون رهانها الدائم على مصالحها الاقتصادية والسياسية وأمن إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط¡ ولعل خطابه الأول بعد نجاحه في الانتخابات واختيار الشعب الأميركي له وهو خطاب هادئ وتصالحي بشكل واضح يؤكد أن خطاباته السابقة بلغتها الشعبوية كانت ضمن متطلبات الحملة الانتخابية ولربما تتسق مع سيكلوجية الرجل المغامر والشعب الأميركي مع تزايد الإرهاب عالمياً¡ الا انها لن تكون هي خريطة عمله¡ ربما كفوف الإدارة الجديدة لن تكون ناعمة..
المؤكد أن عالمنا العربي بحاجة لإعادة ترتيب البيت من الداخل ترتيب الأولويات الخروج من مأزق الاختلاف والجدل إلى حيث يكون العمل المنتج بثقة في الإنسان المواطن¡ مطلوب العمل وفق احتياجنا وليس وفق المرشح الأميركي.
إضغط هنا لقراءة المزيد...