أيهما أهم من وجهة نظرك أن يُرسل سفير وبعثة دبلوماسيّة لدولة تضع مهام السفير في الأطر الرسميّة¡ أم أن تبعث سفيرا يرعى مصالح مجتمعك لدى جمهوريّة "قوقل"¡ ودولة "تويتر" التي تقيّم مصالحها مع أفراد مجتمعك بالآلة الحاسبة¿ حكومة الدنمارك استبقت الأحداث¡ وحسمت جواب مثل هذا السؤال بالبدء في مشروع الدبلوماسيّة الرقميّة مع المؤثرين في عالم اليوم. هذه الدولة الإسكندنافيّة التي تحتل رأس قوائم الدول الأكثر رخاء وسلاما وعيشا رغيدا لم تنتظر المتوقع بل سبقته. نعم هذا ما حصل حيث قرّر الدنماركيون مؤخرا أن مصالحهم مع الشركات العملاقة في العالم الرقمي أقوى من المصالح مع دول كثيرة¡ ولهذا أعلنت مملكة الدنمرك أنها في سبيل تعيين سفراء لها عند شركات كبرى مثل "ميكروسوفت" "وقوقل" وكذلك ربما في بلاط جمهوريّة "أبل" المستغلة.
أحفاد "الفايكنغ"¡ الدنماركيون لا يشكون من جار غادر¡ ولا يضايقهم حليف متقلّب ومملكتهم عضو مؤسس في حلف شمال الأطلسي¡ وعضو مؤثر في منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة¡ وكذلك في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ومع كل هذا فقد أدرك الدنماركيون أن التأثير الأضخم في حياة مجتمعات اليوم تملكه وتتحكّم به شركات التقنية التي انخرط معظم سكان العالم مواطنين أوفياء في جمهورياتها الضخمة.
والسؤال الذي لا جواب له¡ هل هذه الدول الرقميّة بسكانها الذين يحصون بالمليارات مشروعات تجاريّة مستقلة¡ أم أنّها أُنشئت ودُعمت لاستراتيجيات لن تتّضح معالمها اليوم¿ إن بناء إمبراطوريّة عظمى مثل "فيس بوك" (1.79 بليون مستخدم) تطلّب شراء وامتلاك حوالي 62 شركة وتطبيقاً منذ أغسطس 2005حتى نوفمبر 2016. وكان على رأس سلسلة الاستحواذات التي نفذتها "فيس بوك" شراء شركة "انستغرام" عام 2012 بمبلغ بليون دولار (قيمتها اليوم 50 بليونا) وتطبيق "وتس آب" الذي كلفها 19 بليون دولار عام2014 أي بثمن يزيد عن القيمة السوقيّة لفيس بوك نفسها وقت الصفقة.
أما شركة "قوقل" التي تقدّرت قيمتها السوقيّة اليوم بما يقرب من 600 مليار دولار فلها قصة أخرى لم تنشر كل تفاصيلها بعد¡ ولها أشباه ونظائر مثل شركة "ميكروسوفت" وشركة "أبل" وشركة "تويتر" التي تتقافز أعداد محبيها ومستخدميها وضحاياها حول العالم على مدار الثانية. هذا (واقع) الدول (الافتراضية) التي تمتلك وتدير جيوش "القوة الناعمة" وهذا عصرها.
قال ومضى:
عجبي لمن يقول الصمت حكمة ويتاجر في الكلام بالذهب.
إضغط هنا لقراءة المزيد...