كون المملكة العربية السعودية دولةً مهمةً ذاتَ ثقلٍ عالميٍّ واضح لا يخفى على ذي عينين¡ وهي كغيرها من القوى العالمية تأخذ وتعطي وتتبادل المنافع والمصالح مع غيرها من الدول¡ ولم يكن لأحد من شركائها عليها فضلٌ ولا منةٌ¡ فكل مُستفيدٌ ومُستفادٌ منه¡ ولا تتوقف مصلحتها على طرفٍ معينٍ¡ بل هي دولةٌ ضربت بأطنابها من مئات السنين¡ فلا تعتمد على غير الله تعالى¡ لم تستعر عزَّتها من طرفٍ خارجيٍّ¡ ولم تستنسخ مجدها الشامخ من أيةِ دولة..
للقوة أسبابها ومقوماتها سواء على مستوى الفرد أم على مستوى الدول¡ ومما ترتكز عليه قوة الدول العلمº إذ به يكون التمييز بين المضارِّ والمنافع¡ والقدرة الماديةº فبها تحصيل المنفعة ودفع المفسدة¡ ويندرج في العلم كل نوع من أنواع المعارف¡ كما تندرج فيه حنكة القادة وحكمتهم وثقوب أنظارهم¡ كما أنه يندرج فيه ارتفاع مستوى وعي الشعوب ونضج تفكيرها¡ وإدراكها لما يجب أن تكون عليه من التماسك والتلاحم¡ والتحلي بروح الوطنية الكفيل بإبطال ما يحوكه الأعداء من الدسائس¡ وبفضل من الله تعالى تتمتع دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية بهذه المقومات¡ ولي مع هذا وقفات:
الأولى: أن المملكة قوية بربها قبل كل شيء¡ وتكتسب قوتها من خلال تطبيقها شريعة الإسلام¡ واعتماد نظامها على الفقه الإسلامي الذي توالت عقول أفذاذ العلماء عبر القرون على تحريره وتهيئتهº ليبرز كون الشريعة الطاهرة دستوراً شاملاً للحياة صالحاً لكل زمان ومكانٍ¡ وذلك أساسٌ متينٌ لا يُعلى على متانته¡ ومن بنى على أساس قوي فقد احتاط¡ كما أنها تتقوّى برفع منار العدل¡ وكفِّ الظالم ونصر المظلوم¡ وهذه أسباب قوة وعظمة لا تتوفر إلا بعونٍ وتأييدٍ من الله تعالى¡ ومن حصّلها هيأ الله له التمكن¡ وأيده إنفاذاً لوعده الصادق فقد قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً).
الثانية: قويَّةٌ بحكمة وعقل حكامها¡ وحسن تدبيرهم¡ وكفاءة سياستهم¡ وهذا من أهم ما يحفظ ويُنَمِّي للدول قوتها¡ كما أنه من أسباب وفور هيبتها وعظمتها في عيون الآخرين¡ فحصافة الحاكم وحكمته صمام أمان للدولة¡ ولحكام المملكة في هذه الصفات النبيلة نصيبٌ وافرٌ¡ وقد نتج عن ذلك تبوؤ المملكة مكانة عالمية مرموقة ومتنامية على ممرِّ الوقت¡ وبفضل الله ثم بحكمتهم تجنَّبت المملكة إشكالات كثيرة لم يخل منها هذا العصر¡ وإذا كان من المعلوم الذي لا خلاف فيه أن الدولة تقوى بقوة حاكمها فدولتنا تراهن على قوة ملكها وولي عهده¡ وتُعوِّلُ بعد الله تعالى على براعتهما في القيادة¡ ومكانتهما العالية بين قادة العالم.
الثالثة: قويَّةٌ بشعبها وتعاضده وتكاتفه مع ولاته¡ وتجاوزهم لكثير من التحديات التي رسب فيها بعض شعوب المنطقة كالربيع العربي¡ ووعي الشعب والتفافه حول قيادته من أهم أسباب الاستقرار والازدهار¡ وأي دولة حصَّلته فقد قطعت شوطاً بعيداً في طريقها إلى القوة والتميز¡ وأي دولة فقدته فلا يمكن أن تجد ما يعوض خسارته تلكº ولهذا كثرت الوصية به في نصوص الشرع¡ بل كان ضمن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته¡ ومن ضمن ما يبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على شرط التمسك به¡ وإنما كان بهذه الأهمية البالغة لدوره الحاسم في حفظ الكليات الضروريةº فإن التزام الناس بالجماعة والتمسك بها يحسم أصل الخلافات والاضطرابات¡ وإذا عُدمت الاضطرابات سادت السكينة واستتبَّ الاستقرار¡ وأقبل كُلُّ ذي شأن على شأنه¡ وبورك لكل ذي كسب في مكسبه¡ وأمن الجميع على دينه ونفسه وماله وعرضه.
الرابعة: قويَّةٌ بمقدراتها¡ وباقتصادها¡ فهي ترعى نفسها وتدافع عن نفسها بما حباها الله تعالى¡ وهذا أيضاً من عوامل القوة¡ وقد وهب الله للمملكة ثروة طائلة لا يُستهانُ بها¡ ووفقها لاستغلالها في مصالحها¡ كما وفقها لمدِّ يدِ العون لمن يستحق العون في مشارق الأرض ومغاربها أداءً منها لدورها العالمي¡ وقد عمَّ الانتفاع بها¡ وأصبح الثغر الذي تسدُّهُ لا يُمكنُ أن يسدُّهُ غيرها.
وختاماً: كون المملكة العربية السعودية دولةً مهمةً ذاتَ ثقلٍ عالميٍّ واضح لا يخفى على ذي عينين¡ وهي كغيرها من القوى العالمية تأخذ وتعطي وتتبادل المنافع والمصالح مع غيرها من الدول¡ ولم يكن لأحد من شركائها عليها فضلٌ ولا منةٌ¡ فكل مُستفيدٌ ومُستفادٌ منه¡ ولا تتوقف مصلحتها على طرفٍ معينٍ¡ بل هي دولةٌ ضربت بأطنابها من مئات السنين¡ فلا تعتمد على غير الله تعالى¡ لم تستعر عزَّتها من طرفٍ خارجيٍّ¡ ولم تستنسخ مجدها الشامخ من أيةِ دولة¡ أما تعاون دولة مع حليف من حلفائها¡ فأمر محمود يعتبر عمود العلاقات الخارجية¡ وهو الذي تنتهجه المملكة بشكل مدروس مبني على رؤية واضحة¡ وخبرة ناضجة¡ وإذا كان حسادُ المملكة وشانئوها ظلماً لا يُفرِّقون بين حسن علاقات الحلفاء¡ وبين الاعتماد والاتكالية فهذا قصورٌ منهم¡ وقلة فهم¡ وعليهم أن يصمتوا حتى يتعلموا بدهياتِ الشؤون السياسية¡ وأن لا يزعجونا بكلامهم الفارغ.




http://www.alriyadh.com/1852918]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]