منذ أكثر من أربعين عاما كانت رسالة نزار قباني بصوت العندليب عبدالحليم حافظ من تحت الماء. وكان يبحث عمّن ينقذه لأنه لا يعرف فن العوم فيقول: "الموج الأزرق في عينيك يناديني نحو الأعمق.. إني أغرق إني أغرق. إن كنت قويا أخرجني من هذا اليم.. فأنا لا أعرف فن العوم. لو أني أعرف أن البحر خطير جدا ما أبحرت.. لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت". كم من بنود هذه الرسالة تنطبق على حال بعض شبابنا الغارق في بحر الإعلام التفاعلي¿ ولماذا نقول الشباب فقط¡ فقد غرق الكهل قبل الشاب في بحر المتعة الرقمية. فلا بيئة الإعلام التقليدي التي كنا نخاف منها أصبحت كافية ودخل البعض الى أعمق من بحر بيئة الإعلام الرقمي. فهناك عالم من الخيال في بحر الإنترنت الأسود العميق. وهناك ظلمات فوقها ظلمات من عالم شبيه ببيئة البحر الحقيقي وظلماته التي وصفها البارئ عز وجل في كتابه. وعندما يتيه المرء في ظلمات البحر الحقيقي يدعو ربه تضرعا ويلح في الدعاء للنجاة ولكن في بحر الإنترنت المتلاطم لا يشعر بالتيه والضياع. ولذا نجد أن توقيت عقد مؤتمر البيئة الجديدة للإعلام التفاعلي والذي ينطلق اليوم في رحاب جامعة الملك سعود جاء منسجما مع تلك المخاوف. ففيه يتم استعراض الكثير من الأوراق والتجارب العلمية¡ وربما يثير الكثير من الأسئلة أكثر من طرح الأجوبة. فنحن ندخل في نفق جديد يقودنا إلى بحر متلاطم نحتاج فيه إلى معرفة في بناء زوارق النجاة. فكيف لنا أن نساهم في طرح المزيد من الأسئلة والمداخلات على المشاركين في المؤتمر ولنستفيد من الحضور الكبير من عالمنا العربي. فالجميع آت من بيئة واقعية ومثيلتها الإعلامية حيث يشهد ويعايش منظر الغرق في البيئتين.
ونحن في هذا الجزء من العالم المتخم بالوسائل أصبحنا نعيش حياة الواقع الافتراضي لكل غرقى العالم فعسى أن نتعلم بعدما عرفنا وعشنا معهم التألم. وقبل أن نجد أنفسنا نكمل نهاية الأغنية فنكرر "إني أغرق... أغرق. أغرق. أو نعرف مبكرا العوم في ظلمات الفضاء الرقمي السحيق فنأخذ الحكمة من الأعمى¡ فهو لا يضع قدمه على الأرض حتى يستوثق الموقع بعصاه.. فمن ركب فيها هواه في هذا العالم زل.
إضغط هنا لقراءة المزيد...