لأن معالم دولتنا منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ تقوم على العدل¡ وتقصي حدوده¡ لم يكن غريباً أن يترجم ولاة الأمر هذه الأسس بأفعالهم قبل أقوالهم¡ ضمن سياسة تتجذر باستمرار منذ التأسيس وحتى العهد الزاهر.
وإذا كنا نتذكر¡ ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز¡ بعد تقلده أمانة البلاد بأشهر قليلة¡ وتحديداً في يونيو 2016¡ أمام وفد من كبار المسؤولين والمهتمين بمكافحة الفساد¡ وتأكيده على أي مواطن يمكنه "مقاضاة الملك أو ولي العهد¡ أو أي فرد من أفراد الأسرة".. وكذا تشديده على أن "أكبر مُكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله الكريم¡ وهما لا يقبلان فساداً من أحد¡ ولا يرضيانه على أحد.. ثم يؤكد في عبارة ترسم للجميع¡ مسؤولين ومواطنين¡ التوجه الأهم في مسيرة القيادة السعودية¡ والذي يعني إعلاء حق المواطن باعتبارها الركيزة الأساسية لمجمل المسؤولية القيادية وما يتبعها من عمل حكومي¡ لذا كانت مقولته :"يهمني حق المواطن أكثر من حق نفسي" إفصاحاً شديد المضمون عن الرسالة الشخصية الكريمة.
أقول ذلك¡ عقب تصفحي العابر لموقع ديوان المظالم¡ وما قرأته في تقرير منشور يؤكد نظر المحاكم الإدارية المختصة في أكثر من 100 ألف قضية أقامها سعوديون ضد إدارات حكومية في العام الماضي 2016 وحده¡ فصلت هذه المحاكم في قرابة 80 ألفاً منها¡ وغالبيتها قضايا رفعها مواطنون أو موظفون ضد إدارات أو موظفين حكوميين.
قد يرى البعض في مثل هذا الرقم¡ إشارة سلبية¡ ولكن بالنظر إلى النصف الممتلئ من الكوب¡ نتأكد أننا أمام نظام عام لا يقهر أي شكوى¡ وأننا أمام توجه يعتمد الإنصاف في الفصل بين القضايا¡ ويعكس ملمحاً مهماً من ملامح بلدنا دون خوف أو توجس سعياً وراء الحصول على الحق.
ربما تذكرني هذه النظرة الإيجابية¡ بما سبق وأن قاله الملك المؤسس ذات يوم لشعبه الوفي ما معناه أن من يخفي شكواه فهو آثم¡ مطمئناً الجميع بأنه "لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان".
هذا هو دستورنا الأساسي الذي نتبعه منذ التأسيس¡ وتعمل عليه كل قياداتنا المتعاقبة¡ ولعل ما وجَّه به الملك القائد منذ بيعته المظفرة كل المسؤولين "إذا رأيتم شيئاً يضرّ بالمواطن أو بأفراد أو بقبيلة أو ببلدة أو بأي شيء¡ فأبوابنا مفتوحة وآذاننا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة وكذلك مجلسنا"¡ هو ما يجب أن يكون دعوة مفتوحة لكل مسؤولينا وأجهزتنا الرقابية بالعمل بموجبه¡ وفهم الرسالة في إطارها الصحيح¡ خاصة وأن قيادتنا وحكومتنا تعمل من أجل هذا المواطن.. لأنه المحور والهدف.




إضغط هنا لقراءة المزيد...