ولد الكاتب الأميركي الأكثر شهرة على الإطلاق «مارك توين» في قرية «فلوريدا» بولاية تينيسي¡ وتوفي في «ريدينغ» بولاية كونيتيكت¡ لكن أشهر وأشمل متحف عنه يقع في منزله الذي عاش فيه بمدينة «هارتفورد»!
بعد عودة «صمويل كليمنس» - وهو الاسم الحقيقي لتوين - من رحلته الصحفية إلى أوروبا والشرق الأوسط¡ قام بنشر رسائل سفره في كتاب «الأبرياء في الخارج» ليحقق نجاحاً واسعاً¡ تلك الرحلة التي تعرّف فيها على شقيق زوجته المستقبلية التي تزوجها خلال عامين. بعد وفاة ابنه الأول شد الرحال إلى مدينة «هارتفورد» العام 1871م¡ التي كانت أغنى مدينة في البلاد بعد الحرب الأهلية الأميركية¡ وعاصمة النشر الأدبي آنذاك¡ إذ يقطنها مبدعون وكتاب وأنجح الناشرين¡ تعاقد مع المعماري «إدوارد بوتر» المختص في بناء الكنائس لتصميم منزل ذي طراز فيكتوري قوطي¡ ليستغرق بناؤه وتأثيثه أربع سنوات! ذلك أنه كان حريصاً أن يكون معبراً عن ثرائه ورحلاته.
قبل أيام حظيت بفرصة زيارة المنزل¡ ووقفت على فخامة غرف دوره الأرضي¡ حيث كان يستقبل «توين» أصدقاءه وضيوفه في غرفه ذات الطراز المغربي والياباني¡ والحديقة الاستوائية التي ألحقتها زوجته بغرفة المطالعة¡ حيث كان يقرأ ويمثل ما يكتبه أمام ضيوفه خلال العشاء الذي كان يطول ولا ينتهي حتى يفرغ من عرضه! وهي طريقته في معرفة رأي الجمهور في ما يكتب قبل أن ينشره¡ ناهيك عن المسرحيات التي كانت تؤديها بناته الثلاث اللاتي رزق بهن خلال السبعة عشر عاماً التي قضاها في هذا المنزل.
في الدور العلوي تقع غرف بناته وغرفة نومه¡ حيث سريره المقلوب¡ إذ كان ينام ورأسه في مكان رجليه حتى يستطيع مشاهدة زخرفة السرير الذي دفع فيه الكثير! أما غرفة الكتابة في العليّة فتلك قصة أخرىº طاولة بلياردو ضخمة¡ وسيجار في كل زاوية¡ لكنه في النهاية وضع مكتبه مقابل الجدار حتى لا ينشغل بأي شيء¡ وعلى تلك الطاولة البسيطة كتب أروع إبداعاته: «مغامرات توم سوير»¡ و»الأمير والفقير»¡ و»الحياة على المسيسيبي»¡ و»مغامرات التوت الفلندي»¡ و»يانكي من كوينيتيكت في بلاط الملك آرثر».
منزل فخم ومهيب¡ لم يستطع «توين» المحافظة عليه نظراً لخسارته المالية في مشروعاته المبتكرة¡ فاضطر لتأجيره والسفر والعيش في فنادق أوروبا¡ لكنه وبعد وفاة ابنته البكر اضطر للعودة¡ لكن روحه لم تطق الاستقرار مرة أخرى هناك¡ فباع المنزل وتوالت ملكيته¡ حتى استطاعت حفيدة الكاتبة الأميركية «هيريت ستو» صاحبة رواية كوخ العم توم - وهي بالمناسبة جارة منزل توين - جمع الأموال لشراء المنزل¡ وتحويله إلى متحف عام.
بُذل جهدٌ خارق على مدى عشرين عاماً لترميم المنزل¡ وإعادته إلى صورته الأولى¡ الأخشاب¡ الطلاء¡ الأرضية¡ التحف¡ كما لو كنت في ضيافة «توين»¡ وكان من الدقة والمحافظة على الأصل أن حصل العام 1977 على جائزة الصندق الوطني للحفاظ على التاريخ لأفضل استعادة مثالية لموقع تاريخي¡ وليتحول اليوم إلى المقصد السياحي الأول في مدينة «هارتفورد».




http://www.alriyadh.com/1695321]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]