بفتح الراء لا تسكينها.. ونعني "كرة القدم"¡ هذه التي تتدحرج على عشب أخضر¡ فتخطف القلوب والأبصار¡ نعم هي آخر الحب الخالص.. حين تلوّث الحب "كشعور" بالمصالح.. وتعثر بالمطامح¡ وتقلبت فيه القلوب تبعا لتباين المواقف والأحداث¡ لا أعرف اليوم حالة "شعورية" تبلغ حد الجنون في الحب كما هو الحال في كرة القدم.. إنها اللعبة التي تتحد بها الشعوب.. حتى باتت الشمس التي نستدل من خلالها الخرائط والدول كلما شعّت فيها¡ ولنا في "كرواتيا" على سبيل المثال نموذجا حيًّا¡ حينما اجتمع العالم لها في مونديال الكرة الأخير واحتفل بها¡ بل إن البرازيل معقل كرة القدم¡ لا أظن أن شيئا يتبادر إلى ذهننا حينما نتذاكرها غير كرة القدم¡ حتى أكاد أجزم أنه لولا كرة القدم لكانت من الدول المهملة في هذا العالم الواسع¡ لهذا لا أحب أن أنحاز في الكرة إلا للحب¡ والشغف الذي لازمها منذ انطلاقها¡ على الرغم من أن بدايتها كلعبة تحمل صورة مرعبة في حكاياتها الأولى¡ فلهذه اللعبة المعروفة اليوم مشهدٌ يتجسّد فيما ينقله لنا التاريخ عن عام 1016م¡ من خلال احتفال الإنجليز بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم¡ لعبوا الكرة فيما بينهم ببقايا جثت المطرودين¡ وكانت الرؤوس وهي أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة¡ وأسهلها على التدحرج¡ تتقاذف ملامحها بين الأرجل حتى تبلغ الهدف.
صحيح أن هذه الصورة البشعة للعبة استفزّت بقايا الإنسان فيهم في ذلك العصر فمُنعت ممارستهاº لكنها ظلّت تظهر وتنتشر كلما تعاظم الوحش في إنسان ذلك الزمان¡ ثم تعود وتمنع لأسباب متعددة¡ حتى وصل الأمر إلى حد المعاقبة على ممارستها بالسجن.
ولسنا هنا إلا مع حاضرها القائم على الحب والشغف¡ والتأكيد على أنها آخر ما تبقى لنا من الحب الخالص¡ وفي المقابل تبدو منظّمة فيفا أقوى المنظّمات العالمية نفوذا¡ وأكثرها قدرة على بسطه من بين كل المنظمات السلطوية في العالم¡ على الرغم من فضائح الفساد التي تجتاحها بين حين وآخر¡ إلا أنها لاتزال الأقدر على إنفاذ قراراتها¡ وانصياع العالم كل العالم لها.. بعد كل هذا لا يمكننا القول إلا أن التشجيع هو ما تبقّى من الحب في هذا العصر¡ وهو حالة عشق غريبة وعجيبة لا تخضع للمنطق ولا للتفسير ولا للجدال¡ تبلغ ذروتها بالتعصّب المقيت والمفجع الذي بإمكانه أن يجرف كل شيء عقلي ومنطقي في طريقه¡ لكنه على كل حال يظل ملمحًا اجتماعيا عاطفيّا مهمًا¡ يمكن توجيهه وتهذيبه من قبل اختصاصيِّ علماء الاجتماع وعلماء النفس¡ ليكون التشجيع حالة وحيدة متبقية ونادرة¡ يمكننا من خلالها أن نتحسس واقعنا¡ وندرك حينها أننا لا نزال بمشاعر صادقة حقيقية¡ يمكن إشاعتها والخوض فيها حتى إن كانت معلقة بكرةٍ من هواء¡ وشبكةٍ لا يحرسها غير واحدٍ منا..!




http://www.alriyadh.com/1695319]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]