الوعي بأهمية البيئة من أهم أسباب نجاح المشروعات¡ مما يحتم مشاركة المدارس والجامعات والمساجد والإعلام في التوعية¡ وتشجيع إنشاء الجمعيات البيئية وسرعة إقرارها وإبراز دورها المهم في التشجير والحماية والتوعية..
تقليل انبعاث الغازات المضرة¡ وإكثار الأشجار من أهم شروط التنمية المستدامة والصحة العامة¡ فالتلوث البيئي أصبح من أهم مسببات الأمراض والوفيات على مستوى العالم¡ وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة قرابة 8 ملايين شخص سنوياً بسبب تلوث الهواء¡ وقد تنبه العالم متأخراً لخطورة الاحتباس الحراري وتقليص المساحات الخضراء¡ والزحف المستمر على الغابات¡ لكن هذه الجهود جاءت متأخرة وغير كافية لوقف التدهور البيئي.
مكافحة تلوث الهواء والماء وتدوير المخلفات مهمة صعبة عقدت من أجلها المؤتمرات ووقعت الاتفاقيات الدولية وتنادى المخلصون من علماء البيئة والصحة والناشطين في المجتمع المدني¡ لكن أكثر الحكومات لا تستمع لهم¡ ذلك أنها لا تربط اقتصادها بالتنمية المستدامة¡ فالمصادر تستنزف بأكثر مما تعوض¡ والغازات المضرة تنبعث أكثر من قدرة الأشجار على امتصاصها¡ ومصادر المياه تتعرض للتلوث مما يسبب قتل الكثير من الأسماك والأحياء البحرية رغم وجود القوانين والأنظمة إلا أنها لا تطبق¡ بل يستمر التوسع الاقتصادي على حساب البيئة.
توفير بيئة صحية هو أساس التنمية المستدامة للإنسان على هذا الكوكب¡ ومن أهم أسباب الوقاية من الأمراض المصاحبة¡ وأصبح لها الأولوية في بعض الدول وخاصة الدول الإسكندنافية وأستراليا ونيوزيلندا¡ وأصبحت المدن النظيفة مثل ملبورن في أستراليا وهيلسنكي في فنلندا وأوسلو في النرويج جاذبة للأنشطة الاقتصادية حيث تصنف على أساس نسبة نقاوة الماء ونظافة الهواء وقدرتها على تدوير المخلفات.
المملكة مقبلة على نهضة شاملة وإصلاحات جذرية في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية بدأت تتضح ملامحها مع وضع الرؤية 2030 وما تبعها من وضع البرامج الطموحة والمبادرات¡ وبعض هذه البرامج سينتج عنها مشروعات كبيرة في التصنيع والترفيه والسياحة مما قد يؤثر سلباً على البيئة ما لم توضع أنظمة ومراقبة صارمة على التصميم والتنفيذ لجعلها صديقة للبيئة من حيث خفض استهلاك الطاقة وتدوير الموارد والمساهمة في زيادة الرقعة الخضراء في محيط المشروعات¡ وحماية المياه الجوفية والشواطئ من الملوثات¡ ومن برامج الرؤية والذي لم يحظَ بما يستحق من تفعيل واهتمام برنامج جودة الحياة الذي من أهدافه جعل ثلاث من مدن المملكة من بين أفضل مئة مدينة في العالم مع نهاية البرنامج¡ وهذا لن يتحقق إلا بتبنيه من قبل كل الجهات التنفيذية التي لها علاقة بتخطيط وتنفيذ المشروعات لتصبح جودة الحياة ضمن الخطة العامة وأحد بنود المشروعات قبل تنفيذها¡ ومن الإجراءات التي يجب أن نبادر إلى تنفيذها لجعل المملكة رائدة في هذا المجال ما يلي:
أولاً: مدن المملكة بحاجة إلى الكثير من الجهد لتنقية الهواء وجعلها في مصاف مدن العالم النظيفة بيئياً ومنها تقليل انبعاث الغازات المضرة¡ وإنشاء الحدائق الكبيرة¡ وإكثار الأشجار في الشوارع وحول المنشآت الحكومية كالمساجد والمدارس وأمام البيوت¡ مع حسن اختيار الأشجار التي تعطي أكبر فائدة للبيئة وأقل استهلاكاً للمياه¡ وأقل ضرراً للأرصفة وشبكة المياه¡ ومما سيجعل المدن صحيّة تقليل عدد المركبات التي تجوب الشوارع وخاصة سيارات الأجرة¡ وتعميم النقل العام وجعله في متناول الجميع¡ ويصل إلى كل الأماكن وفي أوقات محددة وموثوقة.
ثانياً: أحسنت القيادة في إنشاء محميات ملكية تغطي مساحات شاسعة من المملكة ستوقف - بإذن الله - التدهور البيئي في تلك المحميات¡ لكن هذه المحميات بحاجة إلى حماية من الرعي بكل أنواعه والاحتطاب¡ مما يحتم الإسراع في إنشاء شرطة بيئية أو التعاقد مع شركات أمنية على غرار ما في الأسواق المركزية لتطبيق أنظمة حماية البيئة بكل حزم واستمرارية¡ وتقليل الأضرار التي تسببها السيارات التي تجوب تلك المناطق بوضع حواجز لمنعها. كما يوجد في أكثر مدن المملكة وقراها أودية كل ما تحتاجه تسييجها لمنع الرعي مما سيجعل هذه الأودية متنفساً ورئة للمدن والقرى المجاورة لها.
ثالثاً: الوعي بأهمية البيئة من أهم أسباب نجاح المشروعات مما يحتم مشاركة المدارس والجامعات والمساجد والإعلام بكل قنواته في التوعية¡ وتشجيع إنشاء الجمعيات البيئية وسرعة إقرارها وإبراز دورها المهم في التشجير والحماية والتوعية.
التنمية المستدامة تعني إعادة الغطاء النباتي إلى الصحارى والجبال وإكثار الأشجار في الأودية وجعل مدن المملكة في مقدمة مدن العالم من حيث جودة الماء والهواء وقياس ذلك بصفة مستمرة.
لواء طيار متقاعد
http://www.alriyadh.com/1721977]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]