لقد أثبتت روسيا للأوبك بأنها شريك لا يعتمد عليه ولا يهمها إلا مصلحتها¡ ولا يعنيها استقرار أسواق النفط العالمية ودعم النمو الاقتصادي العالمي¡ بل إنها تحاول كل مرة استغلال الأوبك لمحاربة النفط الصخري وتحقيق أهدافها¡ متجاهلة أن قائدة الأوبك السعودية ليست دولة اقتصادها هش وليست دولة تتعامل مع ردة الأفعال بل تسبقها بتخطيط استراتيجي مبني على ما تمتلكه من ميز نسبية اقتصادية¡ ولهذا تحول الاتفاق من تعميق لتخفيض الإنتاج إلى تعميق لرفع الإنتاج والاحتكام إلى عوامل السوق الرئيسة من عرض وطلب. هكذا كانت رسالة وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الثلاثاء الماضي واضحة ومباشرة¡ حيث أكد أن سوق النفط حرة وتحدد المنافسة قدرة المنتج على اختراق أسواق جديدة لتعظيم حصته السوقية في أسواق النفط العالمية.
إنها فعلاً صدمة لأسواق النفط¡ حيث أثبتت المملكة للعالم أنها تستطيع أن تقلب أسعار النفط في غضون دقائق وليس ساعات. كما أنها صدمة توجهها لبعض المنتجين ومنهم روسيا بأن السعودية قادرة على اختيار المسار الذي يعظّم مصالحها الاقتصادية النفطية على المدى الطويل حتى ولو تحملت أعباء المدى القريب. إن أعضاء الأوبك يدركون جيداً بأن سياسة منظمتهم والأوبك بلس غير قادرة على مواكبة الدورات الاقتصادية والحد من تجاوزات الأعضاء. لقد عملت المملكة من خلال الأوبك لسنوات طويلة إن لم يكن عقوداً بمثابة المنتج المرجح لاستقرار وتوازن أسواق النفط العالمية¡ ثم حاولت في 2017م بالتفاوض مع منتجين من خارج الأوبك بقيادة روسيا لتكوين (الأوبك بلس) من أجل التوافق محافظة على استقرار الأسواق العالمية¡ وهذا ليس مؤشراً على عدم قدرة المملكة النفطية بالانفراد¡ بل مؤشر على رشادة السياسة النفطية السعودية وعدم رغبتها في الإضرار بالمنتجين أو المستهلكين.
وعندما رفضت روسيا قبول اتفاق الأوبك في ظل انتشار فيروس كورونا وتراجع الطلب العالمي على النفط¡ لم يعد أمام السعودية¡ إلا أن تصدم أسواق النفط العالمية مباشرة بإعلانها تخفيض أسعارها وزيادة إنتاجها إلى 12.3 مليون برميل يومياً¡ والتي تلتها صدمة زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يومياً¡ أما الصدمة الكبرى فإنها قادمة بحلول شهر أبريل عندما تبحر أكثر من 19 ناقلة نفط من السعودية إلى عملائها والمستهدفين. إنها صدامات القدرة التنافسية¡ ليبقى خيار الأسعار السوقية هو الأفضل لدعم الطلب العالمي على النفط¡ ولن يبقى في السوق على المدى الطويل إلا المنتجون الأقل تكاليف وذوو الطاقة الإنتاجية والاحتياطي الأكبر¡ بما يسمح لهم باستثمار ميزهم النسبية وتعظيم حصصهم السوقية.
http://www.alriyadh.com/1810791]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]