لم يكن الإخوان المتأسلمون يوما مصدر أريحية في الدول التي يقطنونها¡ ولكن استدعاء الظروف الجيوسياسية كانت تُجبر الدول الإسلامية وبخاصة العربية منها أن يكونوا من بين النسيج السياسي لتلك الدول! ولمعرفة فكر هذه الجماعة الهدّامة علينا التأمل في استراتيجية عملهم وقدرتهم التنفيذية القائمة على التكيّف والتحول من حال السكون لحال التكيّف وصولًا للهدف الأساس الذي يقوم عليه فكرهم الضال بالسيطرة على العالم في دولة "الخلافة الإسلامية"¡ التي تؤمن بها الجماعة¡ إذ لا ولاء ولا انتماء لوطن ولا لحاكم ولا لشعب!
من هُنا تكمن خطورتهم متى وجدوا البيئة الخصبة لنشر وتمكين فكرهم القائم على "النفاق" أو التُقية في أوضح صورها¡ ومن ثم السيطرة وفرض الرأي بالعنف وصولًا لغاية تقويض المجتمعات.. ولا أدل من ذلك في ذروة سنام تمكنهم من قتلهم الرئيس أنور السادات الذي ندم في حياته على إخراجهم من سجون عبدالناصر تمامًا كما كان موقفهم المعارض لقوات التحالف العالمية إبان الغزو الصدامي للكويت.. كما لن نذهب بعيدًا وهم من امتطوا ثورة 25 يناير في وقت لم يكن لهم دور بارز "ظاهريًا" في إشعال نار ثورات "الخريف العربي" في العام 2011م إلا حين قطفوا ثمار ما يسعون له دومًا من إزهاق الأرواح ودمار الأوطان سعيًا إلى الوصول للسلطة التي رسبوا فيها بامتياز في أول سنة حكم فعلية كانت كفيلة بتعرية فكرهم ونفاقهم وخطرهم على جيرانهم من دول تجمعهم بهم - أو هكذا يُفترض - أواصر الدين والعروبة ووحدة المصير!
أختصر هنا مجمل ما تقوم عليه أسس فكرهم العقيم ومرادهم من التغلغل المجتمعي.. علّنا نجد في كشف مستورهم تحقيق المراد في مكافحة مسعاهم القبيح.
إن سبيل هذه الجماعة الهدّامة في التغيير المجتمعي ببث الشائعات وخلط الحابل بالنابل والتعاون مع الشيطان قبل المِلة والعرف للوصول إلى صهوة السلطة جنوحًا عن سماحة الدين الإسلامي الوسطي.. هي نقطة ارتكاز إعادة "التموضع" متى تحققت أهدافهم الدنيوية الدنيئة!
فمن تغيير اهتمامات الشعوب بالثقافة والعلوم الحديثة ومجاراة شعوب العالم في التقدم فكراً وتسامحًا وتعايشاً¡ إلى استخدام الدين ذريعة و"تقية" للنيل من المجتمع وهز الثقة بين الحاكم والمحكوم وتقويض كل ما يدعو عملًا إلى نهج وسطي فطري عالمي واستبداله بنهج متشدد تنطلق من تحت عباءته دومًا فكر وإرهاب جماعات متطرفة لا تؤمن بمنهجية تحتكم للدين السمح القيّم¡ بل تقوده إلى همجية يسود فيها مصطلح "الفوضى الخلاّقة" حتى يغدو أمر تلك الفوضى واقعًا ومرتعًا للوصول لغاياتهم الوضيعة!
قلب المفاهيم الدينية.. فمن الحكم على المظاهر وتهميش القلوب التي في الصدور إلى جعل مظهر الإنسان الخارجي أهم من سلوكه وقلبه وفطرته.. وسبيلهم في ذلك جمع المال والسيطرة عليه.. فمثلا ينادون لجمع التبرعات سوقًا للسذج ممن يصدق ظاهرهم البريء إلى تحديد مصرفيات وبنوك بعينها لتصب المليارات في حساباتهم بذريعة "ربوية" هذه و"سلامة" تلك¡ وكأنما لا تدار أموالهم في كبريات البنوك الربوية في العالم!
ولعل المشهد العالمي اليوم الذي يجمع بين التناقض المنهجي الصارخ مع الليبراليين اليساريين في الولايات المتحدة الأميركية لاستغلالهم في تحقيق مآربهم من المنطقة العربية برغم اختلافهم بالمجمل معهم أيديولوجيا: فسبحان من جمعهم "إخوان" ينادون بـ"خلافة واهمة" وليبراليين يناصرون الحريات الشخصية!
إنها الأيديولوجية المنافقة التي تتخذ "الدين تارة والعلمانية تارات أُخر¡ والتي لا بأس لهم معها أن تتحالف مع المجوس الفرس واليساريين واللادينيين أينما وجدوا طالما وجد الإخونجي مطيته لنيل مراده!
خاتمة:
مساع تترى لاجتثاث شأفة الجماعة الضالة التي ركزت مفاصلها في مناح عدة¡ منها التعليم وكثير جدا من القطاعات الحيوية المهمة.. والأكيد أن تلك المساعي ستؤتي ثمارها بإذن الله.. الأمر الذي يتطلب من الجميع المحاربة العلنية لكل ما يمت للأخونة والصحونة وكل تحزب يفرق بين أبناء البلد الواحد وشعبه الذي يسير حتما خلف قيادته في كل شأن يهم رفعة البلاد والعباد.
http://www.alriyadh.com/1860253]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]